تتواصل زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب اليوم الثلاثاء 29 اكتوبر بخطاب أمام البرلمان ، ومباحثات مع رئيس الحكومة عزيز أخنوش ورئيسي مجلس النواب ومجلس المستشارين .
ووصل ماكرون أمس إلى الرباط ضمن وفد وزاري على رأسه وزير الداخلية الجديد، الذي يتبنى مواقف صارمة تجاه الهجرة .
ومع ذلك، يبدو أن هذا الموضوع لن يعكر الأجواء الإيجابية التي عادت بين باريس والرباط.
ويرغب برونو ريتايو في ربط سياسة التأشيرات بمنح التصاريح القنصلية، وهي الوثائق الضرورية لإعادة الأجانب إلى أوطانهم.
وأشار في بداية أكتوبر الجاري، إلى مثال المغرب، بحيث في عام 2023، تم منح 238,000 تأشيرة للمواطنين المغاربة، لكن تم ترحيل 1,680 فقط إلى بلادهم.
وصرح قائلاً للدول المعنية، “إذا لم تزودونا بمزيد من التصاريح القنصلية لترحيل مواطنيكم الخارجين عن القانون، فسنقلص من عدد التأشيرات الممنوحة لجميع مواطنيكم”.
وتم تطبيق هذه الاستراتيجية سابقاً في خريف 2021 ، بواسطة سلفه جيرالد دارمانان، الذي قرر حينها خفض عدد التأشيرات للمغاربة والجزائريين والتونسيين إلى النصف. وقد تسبب هذا القرار، في توتر العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا ودول المغرب الكبير، حيث أدان المغرب هذا القرار واعتبره “غير مبرر”، واعتبرته المنظمات غير الحكومية “إهانة”، إذ تأثرت الجاليات الناطقة بالفرنسية في المغرب بشكل خاص.
وأشار بيير فيرمرين، مؤرخ وأستاذ بجامعة السوربون في باريس، إلى أن هذا القرار “كان كارثياً” على العلاقات الدبلوماسية. مضيفا، أنه سيكون “من المدهش أن تكرر فرنسا الخطأ نفسه”.
وتجدر الإشارة، إلى أن باريس تراجعت عن هذا القرار في دجنبر 2022، حيث زارت وزيرة الخارجية السابقة كاثرين كولونا الرباط، لإعلان إنهاء هذه القيود ومحاولة إعادة بناء العلاقات مع المغرب، ثم قدم السفير الفرنسي بالمغرب، كريستوف لوكورتير اعتذاراً علنياً.
وفي حديث له على إذاعة RTL، الخميس الماضي، أعلن برونو ريتايو عن تعيين “مبعوث خاص” تكون مهمته عقد اتفاقيات ثنائية مع الدول الأصلية ودول العبور.
ومع اقتراب الزيارة الرسمية، وصف المغرب بأنه “دولة آمنة” حيث يمكن “تسريع إعادة بعض الأفراد”.
وفي مقابلة مع صحيفة جورنال دو ديمانش، يوم 20 أكتوبر، أكد رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، على ضرورة التعامل مع مسألة الأجانب المطلوب ترحيلهم “بروح الحوار”.
لسنا بحاجة لدروس
يرى بيير فيرمرين، أن المغرب “مستعد لتقديم بعض المرونة والتنازلات بشأن هذه المسألة” أكثر من تونس والجزائر، للحفاظ على صورته في فرنسا.
وصرح وزير الخارجية، ناصر بوريطة في بداية أكتوبر أن “المغرب مستعد لإعادة أي مهاجر غير نظامي يُثبت أنه مغربي وغادر من الأراضي المغربية.” مشددا على أن المغرب “ليس بحاجة لدروس” في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيراً إلى أن “عدم عودة هؤلاء المهاجرين يعود إلى عقبات من الطرف الآخر”، داعيا إلى معالجة “الثغرات القانونية والإجرائية التي تخلق جذباً للمهاجرين”.
العلاقة المتجددة
على الرغم من حساسية الملف، يرى مهدي عليوة، عالم الاجتماع في جامعة الرباط، أنه من غير المتوقع أن “تؤثر قضية الهجرة على الثقة المتجددة بين البلدين”.
بحيث أن العلاقة الثنائية أصبحت تُقيّم في المقام الأول على ضوء موقف باريس من قضية الصحراء المغربية، الإقليم الذي تعتبره الأمم المتحدة “غير متمتع بالحكم الذاتي”، والذي يُعدّ منذ نصف قرن محور النزاع بين المغرب وجبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر.
هذا الصيف، وبعد عقود من التردد، دعمت فرنسا موقف المغرب بمنح الصحراء حكماً ذاتياً تحت سيادته، مما أثار استياءً كبيراً في الجزائر.
ووفقاً لحسني عبيدي، مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسطي في جنيف، فإن “هذا هو المعيار الوحيد الذي يهم المغرب في سياسته الخارجية تجاه فرنسا”.
وجدير بالذكر، بأن الرئيس الفرنسي، أكد في رسالة وجهها نهاية يوليوز إلى الملك محمد السادس، على أن “الحاضر والمستقبل للصحراء المغربية يتماشيان مع السيادة المغربية”.