خصصت مجلة “جون أفريك” الفرنسية حيزاً مهماً للحديث عن دلالات تعيين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لريتشارد ديوك بوكان الثالث سفيراً للولايات المتحدة في المغرب.
وقالت إن هذا التعيين يرتبط بسعي الإدارة الأمريكية الجديدة لتكريس قرار اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء الذي اتخذته في ديسمبر 2020.
واعتبرت المجلة أن هذا القرار يحمل رسائل سياسية مهمة ويأتي في سياق حساس، خاصة مع تنامي الاستثمارات الأمريكية في الأقاليم الجنوبية للمملكة. ويأتي ضمن إطار اتفاقات أبراهام التي عززت التعاون الإقليمي.
وأشارت إلى أن بوكان يتمتع بخبرة دبلوماسية واسعة، حيث شغل منصب سفير بلاده في إسبانيا وأندورا ويتقن اللغة الإسبانية. وهذا ما مكّنه من امتلاك معرفة عميقة بالتفاعلات السياسية والاجتماعية في حوض البحر الأبيض المتوسط وشمال إفريقيا، وسهل فهمه للسياق المغاربي.
كما أنه شخصية مقربة من دونالد ترامب ولعب دوراً بارزاً في تمويل الحزب الجمهوري. وهذا يعزز نفوذه السياسي في الإدارة الأمريكية الحالية.
وأوضحت المجلة أن تعيينه في هذا المنصب يعكس نهج ترامب في اختيار سفراء بخلفيات اقتصادية، كما فعل مع سفيره السابق ديفيد فيشر. إذ يركز بوكان على ما اسمته “دبلوماسية النتائج” التي تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية وتعزيز النفوذ الأمريكي، بخلاف سلفه بونيت تالوار الذي ركز على الدبلوماسية التقليدية.
وفيما يخص الاستثمار الأمريكي بالأقاليم الجنوبية للمملكة، أشارت المجلة إلى أن هذه الأقاليم تشهد تحولاً تنموياً كبيراً بفضل دخول شركات أمريكية كبرى. وتعمل هذه الشركات في مجالات حيوية مثل إنتاج الطاقة المتجددة، ومشاريع البنية التحتية المتطورة، والقطاع السياحي.
ولفتت إلى أن من أبرز هذه المشاريع ميناء الداخلة الأطلسي الكبير، الذي يتوقع أن يصبح منصة استراتيجية تربط القارة الإفريقية بأوروبا وأمريكا. وهذا ما يؤهله لأن يكون محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي بالمنطقة.
ووفقاً لجون أفريك، ترى إدارة ترامب في الأقاليم الجنوبية للمملكة فرصة لا تقتصر على أهميتها الجيوسياسية فقط. بل تعتبرها أيضاً نموذجاً لتصدير التجربة الأمريكية في مجالات الاقتصاد والطاقة والأمن.
ومن أبرز المشاريع الكبرى التي يُنتظر إحياؤها مشروع إنشاء القنصلية الأمريكية في الداخلة. وهو المشروع الذي أعلن عنه ترامب في ولايته الأولى ثم توقف لأسباب سياسية.
وأشارت المجلة إلى أنه من المتوقع أن يعمل السفير الجديد بوكان على استئناف تنفيذ هذا المشروع بأسرع وقت ممكن. وذلك نظراً للآثار الاقتصادية والسياسية الواسعة التي ستترتب عليه.
وتعتبر المجلة أن تعيين بوكان يمثل إشارة واضحة من الولايات المتحدة إلى السلطات المغربية، تحثها على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري. كما يعزز لغة المصالح المشتركة بهدف بناء شراكات مربحة للطرفين.