6 خطوات عملية لكسر سلسلة “الشناقة” وضمان أسعار عادلة في الأسواق المغربية

يعاني المستهلك المغربي منذ سنوات من ارتفاع متواصل في أسعار المواد الأساسية، وقد تفاقمت هذه المعضلة في الآونة الأخيرة لتصبح هاجساً يؤرق شريحة واسعة من المواطنين.

وفي خضم هذه الأزمة، برزت قضية الوسطاء التجاريين – أو ما يطلق عليهم محلياً اسم “الشناقة” – كعامل محوري في تضخم الأسعار، خاصة بعد اعتراف الحكومة على لسان ناطقها الرسمي بتأثيرهم السلبي على السوق، دون أن تقدم حلولاً جذرية للحد من نفوذهم.

تجلت خطورة هذه الظاهرة بوضوح خلال عيد الأضحى الماضي، حين شهدت أسعار الأضاحي ارتفاعاً صاروخياً وصل إلى الضعف أو الثلاثة أضعاف، وذلك بسبب سلسلة الوسطاء الذين يتدخلون بين المربين والمستهلكين.

هذا الوضع المتردي فاقم الازمة خاصة لدى دوي الدخل المحدود، ليأتي القرار الملكي الأخير بإلغاء شعيرة الذبح في العيد، حتى لا تضرر فئات كبيرة من المجتمع، وهو ما كشف ايضا عجز الحكومة عن إيجاد آليات فعالة للتعامل مع هذه المشكلة.

إن نظام الوساطة التجارية، الذي يفترض أن يكون حلقة وصل فعالة بين المنتجين والمستهلكين، تحول في الواقع المغربي إلى عبء إضافي يثقل كاهل المواطن. فالوسطاء يعملون على رفع الأسعار في كل مرحلة من مراحل سلسلة التوريد، مما يؤدي إلى تضخم التكلفة النهائية بشكل كبير. فكل وسيط يضيف هامش ربح خاص به، وعندما تتعدد هذه الحلقات، تتضاعف الأسعار دون أن تضيف قيمة حقيقية للمنتج.

لمواجهة هذه التحديات، يمكن طرح مجموعة من الحلول العملية التي من شأنها تنظيم المنظومة التجارية والحد من تأثير الوسطاء:

أولاً، ينبغي تطوير منصات للتجارة الإلكترونية تربط المنتجين مباشرة بالمستهلكين، مما يقلص سلسلة الوسطاء ويخفض التكاليف. يمكن للحكومة أن تدعم هذه المبادرات من خلال توفير البنية التحتية التكنولوجية اللازمة وتقديم حوافز ضريبية للمشاركين فيها.

ثانياً، إنشاء أسواق نموذجية في مختلف المناطق تسمح للمزارعين والمنتجين ببيع منتجاتهم مباشرة للمستهلكين، على غرار أسواق المزارعين المنتشرة في العديد من البلدان المتقدمة. هذا سيضمن أسعاراً أكثر تنافسية ويحفظ هامش ربح عادل للمنتجين.

ثالثاً، تفعيل الرقابة على الأسواق من خلال تعزيز دور هيئات حماية المستهلك وتمكينها من فرض عقوبات رادعة على المتلاعبين بالأسعار. كما يمكن إلزام التجار بوضع لوائح أسعار واضحة تبين تكلفة المنتج وهامش الربح المضاف.

رابعاً، سن تشريعات تنظم عمل الوسطاء وتحدد سقفاً أعلى لهوامش الربح في السلع الأساسية، مع ضمان آليات فعالة لمراقبة التطبيق. هذا التوجه، رغم ما قد يثيره من جدل حول حرية السوق، أثبت نجاعته في العديد من البلدان خلال أوقات الأزمات.

خامساً، تشجيع إنشاء تعاونيات استهلاكية تجمع بين المستهلكين لشراء المنتجات بكميات كبيرة مباشرة من المصدر، مما يقلل من تكلفة الوحدة ويلغي الحاجة إلى الوسطاء.

سادساً، تطوير نظام معلوماتي شفاف يتيح للمستهلكين معرفة متوسط الأسعار في مختلف المناطق، مما يمكنهم من اتخاذ قرارات شرائية أكثر وعياً ويحد من قدرة التجار على فرض أسعار مبالغ فيها.

إن تنظيم المنظومة التجارية وترشيد دور الوسطاء يتطلب توازناً دقيقاً بين ضمان حرية السوق وحماية المستهلك من الاستغلال. المطلوب هو خلق بيئة تجارية تتسم بالشفافية والعدالة، تحفز المنافسة الشريفة وتمنع الاحتكار والتلاعب بالأسعار، مع الحفاظ على حق التجار في تحقيق أرباح معقولة.

بتبني هذه الإصلاحات الهيكلية، يمكن للمغرب أن يتجاوز أزمة ارتفاع الأسعار ويبني منظومة تجارية متوازنة تخدم مصالح جميع الأطراف المعنية، وتضمن استقراراً في الأسعار يحفظ القدرة الشرائية للمواطنين ويعزز الاقتصاد الوطني.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY