في خطوة تعكس تحولاً جذرياً في السياسة الإعلامية الخارجية للولايات المتحدة، تواجه شبكة تلفزيون الشرق الأوسط (MBN)، المالكة لقناة “الحرة” الموجهة للعالم العربي، تهديداً وجودياً غير مسبوق. فقد كشفت تقارير إعلامية متطابقة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب اتخذت خطوات عملية لوقف تمويل الشبكة، ضمن توجه أوسع لإعادة تقييم دور الإعلام الأمريكي الموجه للخارج.
بدأت القصة بتسريب رسالة إلكترونية داخلية أثارت فزعاً بين العاملين في الشبكة، إذ أظهرت أن كاري ليك، المستشارة المقربة من الرئيس ترامب والمسؤولة عن وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي (USAGM)، قررت تجميد التمويل المخصص للشبكة رغم موافقة الكونغرس على استمراره حتى نهاية العام المالي الجاري.
وفي محاولة لطمأنة الموظفين المضطربين، سارع مدير الشبكة جيف غيدمن بإرسال رسائل داخلية وعد فيها بالدفاع عن استمرارية المؤسسة، مؤكداً أن العمل سيتواصل في انتظار قرارات نهائية خلال الأيام القادمة. وقد برر غيدمن أهمية الحفاظ على الشبكة بارتباطها بمصالح دافعي الضرائب الأمريكيين، في محاولة للتماشي مع الخطاب الاقتصادي المتشدد للإدارة الحالية.
ورغم محاولة تطوير ها غير أن الشبكة منذ تأسيسها لم تستطع المنافسة في المنطفة العربية مع مؤسسات إعلامية لها تأثير واضح اقليميا، برز هذا جليا عقب ما عرف بالربيع العربي، وهذا ربما ما جعل إدارة ترامب تفكر في جدوى وجود العشرات من العناوين دون تأثير يذكر.
لم تقتصر قرارات إدارة ترامب على قناة “الحرة” فحسب، بل امتدت لتشمل إنهاء العقود المبرمة مع ثلاث من أكبر وكالات الأنباء العالمية: أسوشيتد برس، ورويترز، ووكالة فرانس برس.
وقد أعلنت كاري ليك عبر منصة “إكس” أن وكالة الولايات المتحدة للإعلام العالمي يجب أن تعتمد على مواردها الذاتية لإنتاج الأخبار بدلاً من الاستعانة بمصادر خارجية، معتبرةً أن تمويل هذه الوكالات لم يعد مبرراً.
وفي ظل هذه التحولات، بات مستقبل العاملين في شبكة MBN وقناة “الحرة” محاطاً بالغموض، إذ يخشى المئات منهم فقدان وظائفهم إذا ما تم تنفيذ قرار وقف التمويل بشكل نهائي.
وقد بدأت نقابات الصحفيين الأمريكية بالتحرك للضغط من أجل ضمان حقوق هؤلاء العاملين وتأمين مستقبلهم المهني.
يبقى السؤال المطروح: هل تمثل هذه الخطوات بداية النهاية للإعلام الأمريكي الموجه للخارج، أم أنها مجرد إعادة هيكلة ستفضي إلى ولادة صيغة جديدة تتماشى مع رؤية الإدارة الحالية؟