بينما يجد البعض توأم روحهم عبر تطبيقات المواعدة، يصطدم آخرون بتجارب سطحية، توقعات غير متبادلة، وخيبات أمل قاسية. هذه الإخفاقات المتكررة قد تؤدي إلى إرهاق من كثرة التصفح، يصل إلى حد الشعور بالتعب العاطفي، المعروف باسم “إرهاق المواعدة”.
أصل الظاهرة
تفاقمت هذه الظاهرة مع جائحة كوفيد-19، وهي فترة كان من الصعب فيها مقابلة أشخاص في الحياة الواقعية. ومع ذلك، كان المصطلح موجودًا قبل ذلك بكثير. في أكتوبر 2016، نشرت الصحفية جولي بيك مقالًا بعنوان “صعود إرهاق تطبيقات المواعدة” في المجلة الأمريكية “ذا أتلانتيك”.
“طريق شاق وغير مؤكد”
في هذا المقال، كتبت الصحفية: “أسهل طريقة لمقابلة الناس تتحول إلى طريق شاق وغير مؤكد لإقامة علاقات. في حين أن الاحتمالات تبدو مثيرة في البداية، فإن الجهود، الاهتمام، الصبر والمرونة التي تتطلبها يمكن أن تترك الناس محبطين ومرهقين”.
تراجع ملحوظ
تنعكس هذه الظاهرة أيضًا في الأرقام. في غضون ثلاث سنوات، شهدت إحدى التطبيقات الرائدة انخفاضًا في عدد المشتركين بـ 20 مليونًا على مستوى العالم، بينما انخفضت قيمتها في البورصة بمقدار ستة أضعاف. ويواجه منافسها وضعًا مشابهًا، حيث انخفضت قيمته السوقية بمقدار تسعة أضعاف.
تكرار ممل
أحد الأسباب الرئيسية لإرهاق المواعدة يكمن في الطابع المتكرر لتطبيقات المواعدة. فالمحادثات، التي غالبًا ما تكون سطحية، لا تؤدي دائمًا إلى تواصل حقيقي، مما يعطي إحساسًا بإضاعة الوقت. كما أن الإجابة باستمرار على نفس الأسئلة يصبح أمرًا مرهقًا.
كثرة الخيارات تقتل الاختيار
بالإضافة إلى ذلك، فإن الوصول إلى عدد كبير من الملفات الشخصية يخلق وهم الوفرة، مما يجعل الالتزام بعلاقة فريدة أكثر صعوبة ويقلل من قيمة التفاعلات. وكما تشرح كريستيل تيسو، خبيرة الصحة النفسية لدى الشباب، “نميل إلى أن نكون في منطق السوبر ماركت، لدرجة أننا في النهاية نستسلم”.
علامات إرهاق المواعدة
وفقًا لإحدى المجلات، هناك عدة علامات قد تكشف أنك تعاني من إرهاق المواعدة. أحد المؤشرات الأولى هو فقدان المتعة: تتصفح آليًا، دون هدف حقيقي، ودون حتى الانتباه إلى ملفات الأشخاص الذين “تتطابق” معهم.
فقدان الأمل
ثانيًا، تشعر أن لا أحد يناسبك. انتهت لقاءاتك الأخيرة بالفشل، تميزت بمواعيد فاشلة، محادثات بلا مستقبل، أو اختفاء مفاجئ ترك لك شعورًا بالإحباط. باختصار، تبدأ في فقدان الأمل.
تكثيف اللقاءات
علامة أخرى تكشف عن ذلك: تكثف اللقاءات، مقتنعًا أنه كلما استخدمت التطبيقات أكثر، زادت فرصك في العثور على الحب. قد يكون هذا السلوك مدفوعًا بالضغط الاجتماعي الذي يدفع إلى ترك العزوبية بأي ثمن.
تأثير على الصحة النفسية
يمكن أن يؤثر إرهاق المواعدة بشكل مباشر على الصحة النفسية، مما يؤدي إلى انخفاض احترام الذات، زيادة التوتر المرتبط بالضغط الاجتماعي، عبء عاطفي وشكل من أشكال القلق العلائقي.
خذ قسطًا من الراحة
إذا كنت تشعر بآثار إرهاق المواعدة، فإن أفضل شيء تفعله هو أخذ قسط من الراحة من استخدام تطبيقات المواعدة. خذ خطوة إلى الوراء، امنح نفسك وقتًا لنفسك من خلال وضع رفاهيتك في المقام الأول. بمجرد استعادة ثقتك بنفسك، لا تتردد في تفضيل اللقاءات الواقعية من خلال المشاركة في الأنشطة أو الانضمام إلى مجموعات تهتم بها.
استعد السيطرة
استعد زمام حياتك العاطفية من خلال توضيح توقعاتك: حدد ما تريده حقًا وما ترفضه بشكل قاطع. “أفضل طريقة لتجنب الإرهاق والشعور بمزيد من الرضا عن لقاءاتك هي البحث عما تريده. كن أكثر انتباهاً للأشخاص الذين ترغب في الخروج معهم وأرسل إعجابات للأشخاص الذين تهتم بهم”، تنصح لوجان أوري، مؤلفة كتاب “كيف لا تموت وحيدًا” ومديرة علم العلاقات في أحد التطبيقات المعروفة.
