شهدت أسواق الأسهم العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، تراجعات عنيفة يوم الخميس، جاءت كرد فعل مباشر على إعلان الرئيس دونالد ترامب فرض تعريفات جمركية جديدة على نطاق واسع ضد عشرات البلدان. أثارت هذه الخطوة مخاوف جدية من تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى، مسجلةً في العديد من القطاعات أسوأ أداء يومي منذ ذروة تداعيات جائحة كوفيد-19 عام 2020.
وفي تحول لافت، هرع المستثمرون نحو الأصول الآمنة، مما أدى إلى قفزة في أسعار السندات الحكومية وانخفاض حاد في عوائدها، لا سيما سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات التي هبط عائدها إلى أدنى مستوى منذ أكتوبر الماضي (4.05%). هذا الإقبال على السندات يعكس تزايد قلق المستثمرين من تباطؤ اقتصادي محتمل قد يصل إلى حد الركود، وهي المخاوف التي عززها المحللون برفعهم لتقديرات احتمالية حدوث ذلك. ويأتي هذا الارتفاع في أسعار السندات رغم أن التعريفات الجديدة بحد ذاتها قد تساهم في زيادة الضغوط التضخمية.
تداعيات واسعة في الأسواق:
لم يسلم سوى قطاع واحد من موجة البيع الكاسحة في سوق الأسهم الأمريكية، وهو قطاع السلع الاستهلاكية الدفاعية الذي حقق مكاسب هامشية. أما بقية القطاعات فقد تكبدت خسائر فادحة، كان أشدها وطأة على قطاعي الطاقة والتكنولوجيا. حيث هوى مؤشر مورنينغ ستار لأسهم التكنولوجيا بنسبة تجاوزت 7%، مسجلاً أسوأ أيامه منذ مارس 2020. وشملت الخسائر الكبيرة أسماء عملاقة مثل Nvidia و Apple، بالإضافة إلى شركات في قطاع السلع الاستهلاكية الدورية مثل Wayfair و Ford.
وكان التأثير السلبي شاملاً عبر مختلف فئات الأسهم، لكن أسهم القيمة للشركات الصغيرة كانت الأكثر تضرراً، حيث سجل مؤشرها أسوأ أداء يومي له منذ يونيو 2020.
وعلّق مايكل أرون، كبير استراتيجيي الاستثمار في State Street Global Advisors، على قوة الإجراءات قائلاً: “ترامب 2.0 مندفع بقوة وبلا كوابح… حجم الإجراءات أكبر بكثير وأكثر شراسة، والمستثمرون يبيعون الآن أولاً، ثم يطرحون الأسئلة لاحقاً”.
وفي أسواق أخرى، انخفض مؤشر الدولار الأمريكي مقابل سلة من العملات، بينما سجل الذهب ارتفاعات قياسية جديدة.
تأثير محتمل على سياسة الفيدرالي ومخاوف الركود:
أشار المحللون إلى أن التداعيات الاقتصادية المحتملة للتعريفات قد تدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى تبني سياسة نقدية أكثر تساهلاً والتعجيل بخفض أسعار الفائدة لمواجهة ضعف النمو المتوقع. ومع ذلك، حذر دومينيك بابالاردو من مورنينغ ستار لإدارة الاستثمار من أن الفيدرالي يواجه معضلة، حيث أن التعريفات قد تؤجج التضخم أيضاً، مما يضعه في موقف صعب بين دعم الاقتصاد ومكافحة التضخم.
ورفع الاقتصاديون، ومن بينهم بريستون كالدويل من مورنينغ ستار، احتمالية دخول الولايات المتحدة في ركود خلال العام المقبل إلى “الثلث على الأقل”، معلنين عن نيتهم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2025 و 2026. وأكد كالدويل على صعوبة تقدير حجم الضرر بدقة نظراً للطبيعة غير المسبوقة لهذه التعريفات الواسعة، التي سترفع متوسط الرسوم الجمركية الأمريكية لأعلى مستوى منذ أكثر من قرن.
وأضاف كالدويل أن حالة “عدم اليقين” التي تخلقها هذه السياسة، خاصة وأنها لم تأت عبر تشريع من الكونغرس مما يجعلها عرضة للتغيير، قد تثبط استثمارات الشركات على المدى الطويل، واصفاً الوضع بأنه “سيناريو الأسوأ من كل الجوانب”.
المصدر: منصة مورنينغ ستار