يشهد قطاع الاتصالات في المغرب تحولاً لافتاً، مع إقدام الفاعلين الرئيسيين الثلاثة، اتصالات المغرب وأورنج وإنوي، على خطوات متزامنة لتعزيز خدمات الإنترنت فائق السرعة عبر مضاعفة صبيب الألياف البصرية (FTTH)، في خطوة تأتي استجابة للطلب المتزايد وتماشياً مع قرار تقاسم البنية التحتية، ولكنها تحمل معها أيضاً تعديلات سعرية مرتقبة.
وكانت شركة اتصالات المغرب السبّاقة في إطلاق هذه الموجة الجديدة، حيث باشرت منذ الأحد 20 أبريل 2025، مضاعفة سرعات الإنترنت لجميع زبنائها، الحاليين والجدد، دون زيادة فورية في الفواتير. وبموجب هذا التحديث، الذي لاحظه بعض المستخدمين تدريجياً خلال الأيام الماضية، أصبح عرض 100 ميغابيت/ثانية يوفر سرعة 200 ميغابيت/ثانية، فيما تمت ترقية عرض 200 ميغابيت/ثانية ليصل إلى 1 جيغابيت/ثانية.
لكن هذه الترقية ستصاحبها تسعيرة جديدة اعتباراً من فاتح ماي المقبل، حيث أعلنت اتصالات المغرب أن عرض 100 ميغابيت سيصبح بكلفة 400 درهم شهرياً، وعرض 200 ميغابيت مقابل 500 درهم، أما سرعة 1 جيغابيت فستكون مقابل 1000 درهم شهرياً، مع الإبقاء على مزايا المكالمات غير المحدودة نحو الثابت الوطني وساعات مجانية نحو المحمول.
ولم يتأخر المنافسون كثيراً، حيث أعلنت شركة أورنج هي الأخرى عبر رسالة نصية لزبائنها عن مضاعفة سرعة الألياف مجاناً، قائلة: “أخبار جيدة! قامت شركة Orange بمضاعفة سرعة الألياف لديك إلى 100 ميجا مجانًا لتتمكن من الاستفادة الكاملة من السرعة العالية جدًا في جميع استخداماتك. شكرا على ولائك!”.
فيما أكدت مصادر من داخل شركة إنوي لـ’المحيط’ أن الشركة تسير على نفس النهج وستقوم بخطوات مماثلة لترقية سرعات الألياف البصرية لزبائنها، في إطار توجه عام لتعزيز البنية التحتية الرقمية المغربية، وهو أمر يكتسب أهمية خاصة في ظل الهجمات السيبرانية المتزايدة.
ويرى مراقبون أن هذه الموجة من الترقيات، التي تأتي في عهد الإدارة الجديدة لاتصالات المغرب بقيادة محمد بنشعبون، تُعتبر بمثابة ثورة في قطاع الاتصالات تهدف لمعالجة التحديات القائمة، لا سيما مشكلة بطء الإنترنت الثابت الذي وضع المغرب في المرتبة 116 عالمياً في فبراير 2025 بمتوسط سرعة 36.37 ميغابايت في الثانية، وفقاً لـ”سبيد تيست”، وهي مرتبة تتناقض مع الأداء الأفضل للإنترنت المحمول (المرتبة 64 عالمياً بـ 62.21 ميغابايت). وتظل هذه السرعات بعيدة عن دول الصدارة عالمياً كالإمارات (543.91 ميغابايت) وقطر (522.48 ميغابايت).
إجمالاً، تمثل هذه التحركات المتزامنة من عمالقة الاتصالات في المغرب خطوة استراتيجية جوهرية لتلبية تعطش السوق لسرعات أعلى ودفع عجلة التحول الرقمي في المملكة، وإن كانت ستفرض على المستخدمين تكاليف جديدة مقابل الحصول على هذه السرعات المحسّنة.
