تقرير هدسون: تصنيف البوليساريو منظمة إرهابية ضرورة لحماية مصالح أمريكا وحلفائها

في تحليل جيوسياسي لافت، حذر تقرير حديث صادر عن معهد هدسون الأمريكي المرموق من أن نزاع الصحراء، الذي طال أمده، قد تحول من مواجهة إقليمية إلى جبهة متفجرة في صراع القوى العظمى الراهن، مما يشكل تحدياً مباشراً لمصالح الأمن القومي الأمريكي.

ويضع التقرير الذي يترجمه المحيط لقرائه، جبهة البوليساريو، التي تأسست بدعم جزائري في 1973، في قلب هذا التحدي، مؤكداً أنها وإن قدمت نفسها كحركة تسعى لتقرير المصير، إلا أنها تعمل فعلياً كميليشيا مزعزعة للاستقرار، متورطة في تهريب الأسلحة، والتلقين الأيديولوجي، والتحالف مع الأجندات الاستراتيجية لإيران وروسيا والصين.

وأكد التقرير على أن المغرب، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة من خارج الناتو، يمثل الركيزة الأساسية للاستقرار الإقليمي.

وذكر المصدر بالخطوة التي اتخذها الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2020 بالاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء، كتحول ضروري عن سياسة أمريكية سابقة غير فعالة.

ودعا التقرير الإدارة الأمريكية الحالية إلى اتخاذ الخطوة المنطقية التالية والمتمثلة في تصنيف جبهة البوليساريو رسمياً كـ”منظمة إرهابية أجنبية” (FTO)، بهدف تعزيز الاستقرار طويل الأمد في المنطقة.

ويفصّل معهد هدسون في تقريره الأسباب التي تجعل أنشطة البوليساريو تستدعي هذا التصنيف، مشيراً إلى أنها تتجاوز المعايير المعتادة. ويستشهد التقرير بانتهاك البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار الأممي لعام 1991، وتحويلها للمساعدات الإنسانية لتمويل بنيتها العسكرية، وتعاونها المزعوم مع منظمات إرهابية مصنفة مثل حزب الله وحزب العمال الكردستاني، وتلقيها طائرات مسيرة من الحرس الثوري الإيراني عبر تسهيلات جزائرية، بالإضافة إلى تهريب الأسلحة لجماعات جهادية تهدد القوات الأمريكية في الساحل.

ويرى التقرير أن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية لن يقتصر على شل شبكة تعمل بالوكالة فحسب، بل سيعزز مكانة الولايات المتحدة في مواجهة القوى العظمى، ويؤكد التزام واشنطن تجاه حلفائها، ويرسل تحذيراً لأعدائها. يأتي ذلك في وقت حرج تشهد فيه منطقة الساحل تفككاً متزايداً بفعل عوامل عدة، من بينها وجود مرتزقة فاغنر، وتدفق الأسلحة الإيرانية، والتوسع الاستراتيجي الصيني، مما يجعل المغرب الحصن الأخير الموثوق ضد هذا الانهيار، وهو الحصن الذي تضعفه قدرة البوليساريو على العمل بحرية، حسب التقرير.

ويلفت التحليل إلى أن دوائر صنع القرار في واشنطن بدأت تدرك الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للصحراء، مستشهداً بتعهد النائب جو ويلسون بتقديم تشريع لكشف خطر البوليساريو، وتأييد شخصيات بارزة مثل ماركو روبيو لخطة الحكم الذاتي المغربية كمسار وحيد ذي مصداقية للسلام.

ويعتبر التقرير أن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية يمثل الخطوة التالية القانونية والاستراتيجية السليمة للتعامل مع هذا الوضع الملح.

ويقدم التقرير لمحة تاريخية عن النزاع منذ الانسحاب الإسباني عام 1975، مشيراً إلى إدارة المغرب لمعظم المنطقة واستثماراته الكبيرة فيها، مقابل مطالبة البوليساريو بتقرير المصير بإرث من زعزعة الاستقرار بدعم من الجزائر والاتحاد السوفيتي وليبيا القذافي وكوبا سابقاً. ويؤكد أن مخيمات تندوف بالجزائر لا تزال معقلاً للبوليساريو، وأن النزاع غير المحسوم أصبح مجدداً ساحة تستغلها قوى معادية كإيران وروسيا والصين.

ويعزو التقرير دعم الجزائر المستمر للبوليساريو إلى التنافس التاريخي مع المغرب، والذي تفاقم مع توسع النفوذ الإقليمي للمغرب وتعميق علاقاته مع الولايات المتحدة وتطبيعها مع إسرائيل. ويرى أن تحالف الجزائر مع موسكو وبكين وطهران هو خيار استراتيجي يهدف لإدامة الصراع وعرقلة أي حل. ويشير التقرير إلى أن سياسة الحياد الأمريكية السابقة أثبتت فشلها في ظل تمسك الجزائر بدعم البوليساريو، مما استدعى التحول الذي قامت به إدارة ترامب نحو الوضوح الاستراتيجي والاعتراف بالسيادة المغربية كخطوة تتماشى مع الواقع وتعزز التحالفات.

ويشدد التقرير على أن مخيمات تندوف ليست ملاذات للاجئين بل جيوب عسكرية تفرض فيها البوليساريو سيطرة حديدية على السكان، مستشهداً بتقارير حقوقية عن غياب الانتخابات وحرية الصحافة والتجنيد الإجباري واحتمال وجود استعباد، بالإضافة إلى توثيق أوروبي لسرقة المساعدات الإنسانية. ويقارن ذلك بالوضع في الصحراء التي يديرها المغرب حيث يشارك السكان في الانتخابات ويتمتعون بالخدمات كباقي المواطنين.

ويبرز التقرير الصلات الموثقة بين البوليساريو وشبكات التطرف، مستدلاً بحالة عدنان أبو وليد الصحراوي الذي انتقل من البوليساريو ليصبح أمير “داعش” في الصحراء الكبرى، ونفذ هجمات أودت بحياة جنود أمريكيين. ويرى التقرير أن هذا يثبت أن بنية البوليساريو في تندوف سهلت التطرف والتهريب والتعبئة الإرهابية، مما يهدد استقرار المنطقة والمصالح الأمريكية.

ويؤكد التحليل أن البوليساريو تستوفي المعايير القانونية الثلاثة لتصنيفها كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب القانون الأمريكي: كونها منظمة أجنبية تعمل خارج أمريكا (تندوف)، وانخراطها في أنشطة إرهابية (انتهاك وقف إطلاق النار، عنف ضد المدنيين، تنسيق مع حزب الله)، وتهديد أنشطتها للمصالح الأمنية الأمريكية والمواطنين الأمريكيين عبر تقويض حليف رئيسي كالمغرب وتمكين خصوم واشنطن.

ويوضح التقرير كيف يخدم دعم محور إيران-روسيا-الصين وشركائهم (الجزائر وجنوب إفريقيا) للبوليساريو مصالح استراتيجية متباينة: إيران تسعى لزعزعة استقرار حلفاء أمريكا وإسرائيل عبر تزويد البوليساريو بالمسيرات والتدريب، والصين تسعى لإعاقة النفوذ الغربي في إفريقيا بتحويل موارد المغرب عن دوره القيادي، وروسيا تسعى لتعزيز صادراتها العسكرية وتوسيع وجودها في شمال إفريقيا والتأثير على الجناح الجنوبي للناتو عبر إدامة الصراع. كما يشير إلى دور الجزائر في إدامة الفوضى ودور جنوب إفريقيا في عرقلة جهود الأمم المتحدة عبر اعترافها بـ”الجمهورية الصحراوية”.

ويختتم معهد هدسون تقريره بتعداد سبع فوائد استراتيجية رئيسية لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية: تجميد أصولها وتفكيك شبكاتها، المساهمة في الاستقرار الإقليمي وتعزيز خطة الحكم الذاتي المغربية، تعطيل قدرة إيران على شن حروب بالوكالة، فضح وعزل استراتيجية الجزائر المزعزعة للاستقرار، تقليل تدفق الأسلحة للجهاديين وتعزيز الشراكات الأمريكية الإفريقية، تقويض الدعاية الدولية للبوليساريو، ومعالجة استغلالها لوضع اللاجئين في تندوف.

ويؤكد التقرير أن الصحراء أصبحت تقاطعاً جيواستراتيجياً حيوياً، وأن المغرب شريك ثابت للولايات المتحدة، وأن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية هو خطوة ضرورية لترسيخ التحالف الأمريكي-المغربي ومواجهة نفوذ الخصوم، مشدداً على أن التقاعس عن ذلك يقوض مصداقية الولايات المتحدة.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

آخر الأخبار

  • All Post
  • أخبار الجالية
  • اقتصاد
  • المحيط الاقليمي
  • المغرب
  • تقارير
  • تكنولوجيا
  • رياضة
  • لايف ستايل

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

آخر الأخبار

  • All Post
  • أخبار الجالية
  • اقتصاد
  • المحيط الاقليمي
  • المغرب
  • تقارير
  • تكنولوجيا
  • رياضة
  • لايف ستايل

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY