تُعد مشكلة انعدام الثقة بين الشريكين من التحديات الشائعة في العلاقات العاطفية، حيث تؤدي إلى تآكل المشاعر الإيجابية والحب. ورغم أنه من الطبيعي أن يقلق البعض بشأن احتمالية خيانة الشريك، إلا أن النساء يَمِلنَ إلى مواجهة مشكلات في الثقة أكثر من الرجال في العلاقات.
على سبيل المثال، في دراسة “The Normal Bar”، جمع المؤلفون بيانات رائدة من 70 ألف مشارك دوليًا ووجدوا أن 39% فقط من النساء في عينتهم (مقارنة بـ 53% من الرجال) يثقن بشركائهن ثقة تامة. يتساءل المؤلفون: ما الخطأ في هذه الصورة؟ غالبًا ما يكون السبب هو غياب الأمان العاطفي.
يُعد التواصل الصريح والصادق هو المفتاح لاستعادة الحب والثقة والألفة في العلاقة. غالبًا ما يُنظر إلى الضعف (Vulnerability) على أنه نقطة ضعف، ولكنه في الحقيقة قوة. تشرح الدكتورة برينيه براون، الخبيرة المرموقة في هذا المجال، أن الضعف هو في الواقع الجرأة على الظهور والسماح لأنفسنا بأن يرانا شريكنا بوضوح. وتكتب: “عندما نغلق أنفسنا أمام الضعف، فإننا نبتعد عن التجارب التي تمنح حياتنا الهدف والمعنى.”
إليكِ سبع خطوات لبناء الثقة واستعادتها:
- قيّمي دوركِ في خلق مساحة آمنة عاطفياً
اسألي نفسك: هل انعدام ثقتي ناتج عن تصرفات شريكي، أم عن مشكلاتي الخاصة، أم كليهما؟ الثقة هي أساس العلاقات الصحية، ومعالجة الأفكار التي تفتقر إلى الثقة يمكن أن تقوي العلاقة.أوضحت أبحاث من جامعة ولاية ميشيغان أن تحدي الأفكار غير الواثقة يشجع على التواصل المفتوح والضعف، مما يسمح لكلا الشريكين بالتعبير عن مشاعرهما بصدق أكبر. - انتبهي لشكوك شريككِ في العلاقة
اسألي نفسك: هل هناك تطابق بين أقوال شريكي وأفعاله؟ هل يفي بوعوده واتفاقاته المهمة؟عندما يعبر الأفراد، بغض النظر عن جنسهم، عن شكوكهم في العلاقة ويعترفون بها، يمكن أن يعزز ذلك شعور شركائهم بالأمان والثقة. أشارت دراسة أُجريت عام 2012 إلى أن الضعف والصدق يمكن أن يوجدا مساحة يشعر فيها الشركاء بالفهم والتقدير والأمان لمشاركة شكوكهم وعواطفهم دون خوف من الحكم عليهم. - انتبهي لتأثير أفعالكِ وردود أفعالكِ على العلاقة
تحملي مسؤولية أفعالكِ وردود أفعالكِ. وفقًا لدراسة أُجريت عام 2023، عندما تصبح النساء أكثر وعيًا بكيفية تأثير ردود أفعالهن العاطفية سلبًا على العلاقة، يمكن لشركائهن الشعور بأمان أكبر.غالبًا ما ينبع هذا الوعي من فهم كيف يمكن لمثيراتهن ونقاط ضعفهن أن تؤدي إلى سلوكيات مدمرة، والتي يمكن معالجتها لخلق بيئة عاطفية أكثر أمانًا وتوازنًا. - افترضي الأفضل إذا خيّب شريككِ أملكِ
أحيانًا يرتكب الناس الأخطاء ببساطة. هذا النهج، الذي يتضمن رؤية الأخطاء كفرص تعلم محتملة أو هفوات لحظية، يعزز ديناميكية علاقة أكثر ثقة ودعمًا.وجدت أبحاث أُجريت عام 2021 أنه يمكن للشركاء تنمية شعور بالتعاطف مع الذات والتفهم من خلال النظر إلى الإخفاقات كفرص للنمو، مما يؤدي إلى تحسين احترام الذات والرضا العام عن العلاقة. - استمعي إلى وجهة نظر شريككِ
تأكدي من أن كلماتكِ ونبرة صوتكِ تتسقان مع هدفكِ في بناء الثقة. هذا الاستماع النشط والتقدير يعززان التعاطف، ويقويان الارتباط العاطفي والثقة.تؤكد أبحاث معهد جوتمان (The Gottman Institute) على أهمية تبادل الأدوار بين الشريكين كمتحدث ومستمع، مما يسمح بالفهم العميق والتواصل. - مارسي التناغم (Attunement) مع شريككِ
في كتابه “ما الذي يجعل الحب يدوم؟” (What Makes Love Last?)، يعرّف عالم النفس الأمريكي الشهير الدكتور جون جوتمان التناغم بأنه الرغبة والقدرة على فهم واحترام العالم الداخلي لشريككِ الحميم. ويكتب: “يقدم التناغم مخططًا لبناء وإحياء الثقة في علاقة ملتزمة طويلة الأمد.” - ضعي في اعتباركِ أن تعلم الثقة مهارة يمكن رعايتها
قد تكون عملية بطيئة. بالشجاعة والمثابرة، يمكنكِ تحويل جروح الخيانات الماضية إلى دروس.في كتابه “علم الثقة” (The Science of Trust)، يتحدى الدكتور جوتمان الطريقة التي يعرّف بها معظمنا الثقة. يقول إن الثقة فعل وليست فكرة أو اعتقادًا – فهي تتعلق أكثر بما يفعله شريكنا وليس بما أفعله أنا أو أنتِ.قد تدخلين علاقة بثقة متصدعة لأسباب متنوعة. الانفصال أو الطلاق الحديث ليس دائمًا السبب الجذري.ولكن عندما تصبحين أكثر وعيًا بميلكِ إلى عدم الثقة بشريككِ، يمكنكِ التوقف وسؤال نفسك: هل عدم ثقتي نابع من شيء يحدث في الحاضر، أم أنه مرتبط بماضيي؟العديد من العلاقات يتم تخريبها بسبب النبوءات التي تحقق ذاتها. إذا كنتِ تعتقدين أن شريككِ سيؤذيكِ، فقد تشجعين دون وعي ظهور الأذى في علاقتكما. ولكن يومًا بعد يوم، إذا تعلمتِ العمل من منطلق أن شريككِ يحبكِ ويريد لكِ الأفضل، يمكنكِ الاستمتاع بالثقة في حياتكِ. الثقة هي قدرة مكتسبة أكثر من كونها شعورًا.عندما تتعرضين لخسارة علاقة بسبب الثقة المكسورة، فإن ذلك يجعلكِ أذكى وأكثر قدرة على منح الثقة لأولئك الذين يستحقونها. يمكنكِ تعلم الثقة بحدسكِ وحكمكِ عندما تتعاملين بصدق مع مخاوفكِ. إذا تمكنتِ من الوصول إلى مرحلة الوعي الذاتي وفهم القرارات التي أدت إلى قطع الثقة، يمكنكِ البدء في التعامل مع الآخرين بإيمان وتفاؤل.في حين أن تعلم الثقة يمكن أن يكون أحد أكبر تحدياتنا كنساء، من المهم أن ندرك أن الشكوك شائعة في العلاقات. ممارسة الضعف بخطوات صغيرة ستشجع على التواصل المفتوح والصادق – وهي خطوة حاسمة لاستعادة الإيمان بالحب. الثقة ضرورية لمساعدة كلا الشريكين على الشعور بالأمان وبناء علاقة سعيدة تصمد أمام اختبار الزمن.