إرث التقسيم وتهديد السلاح النووي: جذور الصراع المستمر بين الهند وباكستان


شنت الهند غارات عسكرية على باكستان يوم الأربعاء 7 ماي 2025، وردت باكستان بادعائها إسقاط خمس طائرات تابعة لسلاح الجو الهندي، ودرون ، في تصعيد دفع البلدين إلى شفا صراع أوسع نطاقًا.

هذا التصعيد يضع الجارتين، بتاريخهما الطويل من النزاعات، في منطقة خطرة، حيث توعدت إسلام أباد بالانتقام من الغارات الهندية، بينما دعا المجتمع الدولي إلى ضبط النفس.

الغارات الهندية ورد الفعل الباكستاني

أعلنت نيودلهي أن غاراتها جاءت ردًا على مقتل 26 شخصًا – معظمهم سياح هنود – في أبريل عندما اقتحم مسلحون موقعًا جبليًا في الجزء الذي تديره الهند من كشمير. اتهمت الهند باكستان بالضلوع في الهجوم، وهو ما نفته إسلام أباد.

أطلقت الهند “عملية سندور” في الساعات الأولى من صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي، مستهدفة تسعة مواقع في باكستان وفي الجزء الذي تديره باكستان من كشمير.

وزعم مسؤولون هنود أن الغارات استهدفت “بنية تحتية إرهابية” لجماعتي “عسكر طيبة” و”جيش محمد”، وأنها لم تستهدف مواقع مدنية أو اقتصادية أو عسكرية باكستانية. اسم “سندور” يشير إلى مسحوق الفيرمليون الأحمر الذي تضعه العديد من النساء الهندوسيات بعد الزواج، في إشارة إلى أن مذبحة السياح في أبريل خلفت العديد من الأرامل الهنديات.

لكن باكستان قدمت رواية مختلفة، قائلة إن مدنيين قُتلوا ومساجد تعرضت للقصف. وأعلن متحدث عسكري باكستاني أن ستة مواقع تعرضت لـ 24 غارة، بعضها في إقليم البنجاب المكتظ بالسكان، وهي أعمق غارات تشنها الهند داخل باكستان منذ عام 1971.

ردًا على ذلك، زعمت مصادر أمنية باكستانية أنها أسقطت خمس طائرات تابعة لسلاح الجو الهندي وطائرة بدون طيار خلال الهجوم الهندي، من بينها ثلاث طائرات من طراز رافال. لم تؤكد الهند فقدان أي طائرات. وأفاد شاهد عيان ومسؤول محلي بتحطم طائرة مجهولة في قرية وويان في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية. وتوعد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بأن بلاده “تملك كل الحق” في الرد، واصفًا أفعال الهند بأنها “عمل حربي”.

التطورات الأخيرة التي سبقت التصعيد (2024 – أبريل 2025):

استمر العنف في كشمير طوال عام 2024 ردًا على جهود نيودلهي لتعزيز سيطرتها الإقليمية، مع استهداف هجمات للمسافرين والعمال الهنود. وفي 22 أبريل 2025، تصاعدت التوترات بعد هجوم مسلحين على سياح هنود في كشمير، مما أسفر عن مقتل 25 هنديًا ونيباليًا واحدًا، في أعنف هجوم إرهابي على الأراضي الهندية منذ هجمات مومباي عام 2008. ألقت الهند باللوم على باكستان وألقت القبض على مواطنين باكستانيين كمشتبه بهم. نفت باكستان أي تورط، بل واقترحت وزارة دفاعها أن الهجوم كان “عملية كاذبة”. وأعلنت “المقاومة الكشميرية” – وهي فرع من “عسكر طيبة” – مسؤوليتها عن الهجوم.

في أعقاب الهجوم، اتخذت الهند وباكستان إجراءات متبادلة أدت إلى تدهور العلاقات الثنائية إلى أدنى مستوياتها، بما في ذلك تعليق الهند لمعاهدة مياه السند، وإنهاء نظام السفر بدون تأشيرة، وإغلاق معبر أتاري الحدودي. وردت باكستان برفض تعليق معاهدة المياه، وإغلاق مجالها الجوي أمام الطيران التجاري الهندي، ووقف نظام التأشيرات الخاصة للمواطنين الهنود، وتعليق التجارة الثنائية. وتبادل الجانبان إطلاق النار عبر خط السيطرة يوميًا منذ الهجوم، وسط دعوات من الولايات المتحدة والصين لخفض التصعيد.

تصعيدات ما بعد 2019:

في غشت 2019، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من الدستور الهندي، التي كانت تمنح جامو وكشمير وضعًا خاصًا، مما أثار غضب الكشميريين واعتبرته باكستان “ظلمًا جسيمًا”.

أعقب ذلك فرض إغلاق على كشمير الخاضعة للإدارة الهندية لأكثر من عام، مع قطع متقطع لخدمات الإنترنت والهاتف واعتقال الآلاف. وفي عامي 2022 و2023، كثفت الحكومة الهندية حملتها على وسائل الإعلام المستقلة في المنطقة، وأعادت ترسيم الخريطة الانتخابية، وعقدت اجتماعًا سياحيًا لمجموعة العشرين في سريناغار.

وأصبحت عمليات القتل المستهدف للهندوس أكثر تواترًا، واستمرت الاشتباكات الدامية بين القوات الهندية والباكستانية في عام 2023.

في فبراير 2019، أدى هجوم على قافلة للقوات شبه العسكرية الهندية في بولواما بكشمير الخاضعة للإدارة الهندية إلى مقتل ما لا يقل عن 40 جنديًا. ردت الهند بضربة جوية استهدفت معسكرات تدريب إرهابية داخل الأراضي الباكستانية، أعقبتها ضربات جوية باكستانية على كشمير الخاضعة للإدارة الهندية. وتصاعد الاشتباك إلى مواجهة جوية أسقطت خلالها باكستان طائرتين عسكريتين هنديتين وأسرت طيارًا هنديًا أُطلق سراحه بعد يومين.

تاريخ النزاع من الأقدم إلى فترة ما قبل 2019:

بدأ النزاع حول كشمير مع تقسيم الهند البريطانية عام 1947، الذي أنشأ باك ذات الأغلبية المسلمة والهند ذات الأغلبية الهندوسية، وترك مصير كشمير معلقًا. سرعان ما طالبت كل من الهند وباكستان بالإقليم، مما أدى إلى مواجهة عسكرية. وافق حاكم كشمير الهندوسي على الانضمام إلى الهند مقابل ضمانات أمنية.

  • 1949: انتهت الحرب الأولى بين الهند وباكستان حول كشمير بعد تدخل الأمم المتحدة، وتم رسم خط وقف إطلاق نار قسم الإقليم مؤقتًا.
  • 1965: اندلعت حرب واسعة النطاق مرة أخرى بعد هجوم باكستاني سري عبر خط وقف إطلاق النار في كشمير.
  • 1972: بعد حرب إقليمية عام 1971 أدت إلى إنشاء بنغلاديش، اتفقت باكستان والهند على تحويل خط وقف إطلاق النار المؤقت إلى “خط سيطرة” رسمي، مع احتفاظ كل دولة بالجزء الذي كانت تسيطر عليه بالفعل.
  • 1974: اتخذ الصراع بُعدًا جديدًا مع إدخال الأسلحة النووية، حيث اختبرت الهند أول سلاح نووي لها، مما أدى إلى سباق تسلح نووي شهد وصول باكستان إلى هذا الإنجاز بعد عقدين.
  • 1987-1989: وسط اضطرابات سياسية، تحول بعض الكشميريين إلى التشدد، وهو ما دعمته باكستان لاحقًا، مما أشعل عقودًا من العنف الطائفي.
  • 1999: اندلعت حرب كارجيل بعد تسلل مقاتلين من باكستان إلى مواقع داخل الجزء الذي تديره الهند من كشمير. على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الهش منذ عام 2003، يتبادل الجانبان إطلاق النار بانتظام عبر الحدود المتنازع عليها.
  • 2008: أثارت هجمات مومباي، التي أسفرت عن مقتل 166 شخصًا، مخاوف من مواجهة عسكرية مباشرة جديدة. ألقت الهند والولايات المتحدة باللوم على جماعة “عسكر طيبة” الباكستانية.
  • 2014-2018: شهدت هذه الفترة تدهورًا في العلاقات بعد فترة وجيزة من التفاؤل، مع إلغاء محادثات وزيادة في المناوشات الحدودية والهجمات المسلحة والاحتجاجات العنيفة في كشمير.

ردود الفعل العالمية على التصعيد الأخير:

أثارت الغارات الأخيرة قلقًا عالميًا ومناشدات للدولتين لمنع المزيد من التصعيد. أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه العميق”، محذرًا من أن العالم “لا يستطيع تحمل مواجهة عسكرية” بين البلدين.

وقالت الولايات المتحدة إنها “تراقب التطورات عن كثب”. كما دعت الإمارات العربية المتحدة والصين واليابان الجانبين إلى وقف التصعيد.

وأبلغ مسؤول حكومي هندي كبير شبكة CNN الاميركية أن نيودلهي أطلعت نظراءها الدوليين على الخطوات التي اتخذتها.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

آخر الأخبار

  • All Post
  • أخبار الجالية
  • اقتصاد
  • المحيط الاقليمي
  • المغرب
  • تقارير
  • تكنولوجيا
  • رياضة
  • لايف ستايل

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

آخر الأخبار

  • All Post
  • أخبار الجالية
  • اقتصاد
  • المحيط الاقليمي
  • المغرب
  • تقارير
  • تكنولوجيا
  • رياضة
  • لايف ستايل

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY