في أجواء مفعمة بالإبداع والإلهام، أسدل الستار اليوم بمركب سينما Pathé بالدار البيضاء، على فعاليات النهائيات الوطنية لمسابقة “سينما” المنضوية تحت لواء مشروع “مدرستنا – الإعداديات الرائدة”. شهد الحفل الختامي حضوراً جماهيرياً لافتاً من طلاب يمثلون مختلف جهات المملكة الاثنتي عشرة، إلى جانب كوكبة من المهنيين البارزين في مجالات الفن والثقافة.
ترأس لجنة تحكيم المسابقة المخرج السينمائي المرموق نبيل عيوش، وضمت في عضويتها نخبة من الأسماء الفنية والنقدية الوازنة، بمن فيهم الممثلة والمخرجة وكاتبة السيناريو سامية أقريو، والمخرج إسماعيل فروخي، والناقدان سعيد مزواري وماجد ساداتي، بالإضافة إلى الأستاذ مبارك مزين ممثلاً عن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
وقد تنافست في هذه النهائيات 12 فرقة تأهلت بعد تصفيات جهوية شملت قرابة 250 إعدادية رائدة على المستوى الوطني، حيث عرضت أفلامها القصيرة التي تم إنتاجها ضمن برنامج “السينما في الفصل الدراسي”. ويُعتبر هذا البرنامج وحدة فنية أساسية ضمن مشروع “مدرستنا” الطموح، الذي أطلقته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بشراكة استراتيجية مع مؤسسة علي زاوا.
وأشاد أعضاء لجنة التحكيم بالمستوى الرفيع للأعمال المنتجة، من حيث جودة السيناريوهات والإخراج، والتزام الطلاب بمعالجة قضايا مجتمعية متنوعة وحساسة. وتناولت الأفلام المشاركة مواضيع هامة كظاهرة التنمر، والهجرة غير الشرعية، والفقر، وتعقيدات العلاقات الاجتماعية، مما عكس وعياً فنياً ومجتمعياً متقدماً لدى التلاميذ المشاركين.
وفي تصريح له بهذه المناسبة، أكد المخرج نبيل عيوش، رئيس لجنة التحكيم، أن السينما تمنح رؤية مغايرة وتنمي الفكر النقدي، مشدداً على اختلافها الجوهري عن منصات التواصل الاجتماعي، كونها عملاً إبداعياً يوسع الآفاق الفكرية.
وشدد عيوش على ضرورة أن نلتقط الواقع المعاش بكاميراتنا نحن قبل أن يلتقطه غيرنا ويصوره بطريقة مختلفة قد لا تمت للحقيقة بصلة، لافتاً إلى أن الجميع يعتبر فائزاً في هذا المحفل الإبداعي.
واستحضر عيوش ذكريات طفولته التي غرست فيه شغف السينما، حين كان يرتاد مركزاً ثقافياً صغيراً في ضواحي باريس، حيث شكلت مشاهدته لأفلام عظماء مثل شارلي شابلن وباستر كيتون وسيرجي آيزنشتاين، نواة رؤيته الإخراجية، على حد تعبيره.
وتم الإعلان عن الأفلام الفائزة بجوائز نهائيات “سينما مدرستنا” 2025، والتي جاءت كالتالي:
- جائزة أفضل فيلم: “الانعكاس المنكسر” من جهة الرباط، والذي يسلط الضوء على ظاهرة العنف المدرسي.
- جائزة أفضل إخراج: لفيلم “أحلام مؤجلة” من جهة العيون الساقية الحمراء، الذي يعالج قضية الهجرة السرية لدى المراهقين.
- جائزة أفضل سيناريو: لفيلم “صراع” من جهة الداخلة وادي الذهب، والذي يتناول ظاهرة التنمر وأهمية تقبل الاختلاف.
- تنويه خاص من لجنة التحكيم: لفيلم “زائر متخفي” من جهة سوس ماسة، الذي يناقش تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال.
- جائزة الجمهور: لفيلم “النهضة” من الجهة الشرقية.

- وفي تعليق لها على هذا النجاح، صرحت صوفيا أخميس، المديرة التنفيذية لمؤسسة علي زاوا: “ما شاهدناه اليوم يؤكد أن الفن في المدرسة هو رافعة قوية للتعبير والتحول. هؤلاء الشباب هم الدليل الحي على أنه مع الأدوات المناسبة والدعم الكافي، تصبح المدرسة فضاءً للإبداع والمواطنة.”
- من جهتها، أوضحت وجدان بكار، مديرة المشروع: “لقد أظهر هؤلاء الفائزون الشباب طوال المسار قدرة رائعة على استيعاب أدوات اللغة السينمائية، والعمل الجماعي، والتعبير عن أفكار قوية من خلال أعمال أصلية وصادقة ومؤثرة.”
وتستمر فعاليات نهائيات مشروع “مدرستنا” مع مسابقة الارتجال المسرحي يومي 27 و 28 ماي الجاري بالمركب الثقافي مولاي رشيد، وسط ترقب كبير لمشاهدة المزيد من الشغف والإبداع من قبل المواهب الشابة الصاعدة في مجال التمثيل.