تشهد العلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية كينيا تطورات لافتة، تثير تساؤلات حول ما اذا كانت تدخل بالفعل منعطفا جديدا، خاصة مع افتتاح السفارة الكينية بالرباط والموقف الاخير لنيروبي الداعم لمخطط الحكم الذاتي كحل مستدام لقضية الصحراء.
اللقاء الاخير بين وزيري خارجية البلدين عكس رغبة مشتركة في بناء “محور جديد واعد للتعاون جنوب-جنوب”، يستند الى رؤية سياسية من قيادتي البلدين وادراك واقعي لتكامل المصالح. فكينيا تمثل بوابة هامة للمغرب نحو شرق افريقيا، والمغرب يفتح افاقا واعدة لكينيا نحو غرب القارة. الاتفاقيات الموقعة والالتزام بعقد لجنة مشتركة ومنتدى اقتصادي كلها مؤشرات على ارادة سياسية قوية.
تحولات لافتة وتحديات قائمة
رغم الاجواء الايجابية، لا يمكن اغفال التحديات، وابرزها الاختلال الكبير في الميزان التجاري لصالح المغرب، وهو ما اعترف به وزير الخارجية الكيني. السعي الكيني لوضع استراتيجية لتعزيز صادراتها وتوسيع التعاون يمثل خطوة ضرورية نحو شراكة اكثر توازنا.
النقطة الاكثر حساسية هي الموقف الكيني من قضية الصحراء، تاريخيا، حافظت كينيا على اعترافها بما يسمى “الجمهورية الصحراوية”. الا ان البيان المشترك الاخير، الذي اعتبر مخطط الحكم الذاتي المغربي “المقاربة المستدامة الوحيدة”، يمثل تحولا لافتا.
هذا الموقف، وان لم يصل الى حد سحب الاعتراف رسميا، يضع كينيا في مصاف الدول الداعمة للحل المغربي. افتتاح السفارة الكينية بالرباط الاثنين 26 ماي يتوج هذه التطورات، ويمثل الية عملية لتوطيد التعاون.
منعطف حقيقي يتطلب استمرارية
بناء على ما سبق، يمكن القول بان العلاقات المغربية الكينية تدخل بالفعل منعطفا جديدا واعدا، والموقف الكيني الاخير من قضية الصحراء، مقرونا بافتتاح السفارة وتوقيع اتفاقيات، يشير الى تحول استراتيجي في رؤية نيروبي لعلاقاتها مع الرباط.
ومع ذلك، فان استدامة هذا المنعطف تتطلب جهودا مستمرة. على الصعيد الاقتصادي، يجب العمل على تصحيح الاختلال التجاري. وعلى الصعيد السياسي، يبقى ترسيخ الموقف الكيني الجديد بشأن الصحراء وتطويره تحديا قائما، وان كان التطور الاخير يبعث على التفاؤل. في المحصلة، يمثل محور الرباط-نيروبي الناشئ نموذجا مهما للتعاون الافريقي-الافريقي، يركز على النتائج الملموسة والتنمية المشتركة.