شقير لـ”المحيط”: الموقف البريطاني من الصحراء نقلة استراتيجية تدعم المبادرة المغربية

قال الباحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية محمد شقير إن الموقف البريطاني الجديد من قضية الصحراء المغربية يمثل تطوراً كبيراً في التعامل الدولي مع هذا النزاع الذي عمر لأكثر من خمسة عقود وأصبح يشكل خطراً على استقرار المنطقة.

يأتي هذا التطور المهم كما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي خلال زيارته الأخيرة للرباط، في سياق دولي متغير يشهد زخماً متزايداً لصالح الموقف المغربي وضرورة الطي النهائي لهذا الملف الذي يستنزف الموارد المالية واللوجستية للمجتمع الدولي.

وأوضح شقير في تصريحه لـ”المحيط” أن اعتبار مبادرة الحكم الذاتي المغربية “الحل الأكثر مصداقية” كما جاء في البيان المشترك الموقع بين المملكتين، يشكل دفعة قوية للمبادرة المغربية. ويكتسب هذا الموقف أهمية خاصة كون بريطانيا إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والتي تتمتع بحق الفيتو، مما يعطي لموقفها وزناً كبيراً في المحافل الدولية.

ولفت الباحث المغربي إلى أن بريطانيا، رغم عدم تبنيها للموقف الأمريكي أو الفرنسي في الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء، فإن موقفها الإيجابي من مبادرة الحكم الذاتي يكسبها وزناً أكثر موضوعية واستقلالية داخل مجلس الأمن.

هذا التوازن، حسب شقير، يجعل من الموقف البريطاني أكثر تأثيراً وقبولاً على المستوى الدولي، خاصة أن علاقاتها الطيبة مع المبعوث الشخصي للأمين العام ستمكنها من العمل على إيجاد الأرضية المناسبة لتطبيق هذه المبادرة.

ويرى شقير أن ما جاء في البيان المشترك يعتبر شبه اعتراف بمغربية الصحراء، خاصة الإشارة إلى إمكانية نظر هيئة تمويل الصادرات البريطانية في تخصيص جزء من التمويلات لإقامة مشاريع في الأقاليم الصحراوية. هذا التوجه، بحسب الخبير المغربي، يشكل اعترافاً ضمنياً بمغربية الصحراء، حيث يعكس استعداد بريطانيا للاستثمار في هذه المناطق كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي.

محمد شقير

كما أكد شقير في حديثه لـ”المحيط” أن التركيز على العلاقات العريقة بين البلدين وتقوية الشراكة الاقتصادية والاجتماعية بين المملكتين، مع اعتبار حل النزاع بوابة لضمان الاستقرار في أفريقيا من خلال المبادرة الأطلسية، كل ذلك يحمل دعماً صريحاً للموقف المغربي بشأن صحرائه. ويأتي هذا الدعم في سياق الزخم السياسي الذي يعرفه ملف هذا النزاع على المستوى الدولي.

وأشار شقير إلى أن الموقف البريطاني يأتي في سياق زخم سياسي متنامٍ يشهده ملف قضية الصحراء، والذي يتجلى في تزايد عدد الدول المساندة للمبادرة المغربية، حيث تتوالى الدول في إعلان دعمها لمقترح الحكم الذاتي. وفي المقابل، تعاني حاضنة البوليساريو من عزلة دبلوماسية إقليمية ودولية متزايدة، مع تراجع مستمر في الدعم الإقليمي والدولي.

وبحسب تحليل شقير، فإن اقتناع الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا بضرورة الطي النهائي لهذا الملف والحد من الهدر المالي واللوجستي الناجم عن عمل المينورسو وهيئات المساعدة الدولية بمخيمات تندوف، يشكل عاملاً مهماً في التطورات الحالية.

ولفت الباحث إلى أن سياسة الإدارة الأمريكية في التخفيض من المساهمة في المنظمات الدولية انعكست على التخصيصات المالية للمينورسو وباقي الهيئات الدولية العاملة بتندوف، حيث سبق أن صرح رئيس بعثة المينورسو بالخصاص المالي الذي تعاني منه البعثة الأممية بالمنطقة.

وأكد شقير أن هذا الوضع المالي المتردي أدى إلى إصدار قرارات بتوقيف عمل موظفين بالعيون والرباط قبل نهاية سبتمبر المقبل، مما يؤشر على إمكانية حل المينورسو، خاصة أن الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة أصبحت تدفع إلى حل هذه البعثة في إطار البحث عن الطي النهائي لهذا النزاع الذي عمر لأكثر من خمس عقود وأصبح يشكل خطراً على استقرار المنطقة.

وخلص شقير في تصريحه لموقع “المحيط” إلى أن الموقف البريطاني الجديد يمثل نقلة مهمة في التعامل الدولي مع قضية الصحراء المغربية. هذا التطور، إلى جانب الزخم الدولي المتزايد لصالح المبادرة المغربية، يشير إلى إمكانية حدوث تطورات إيجابية في المستقبل القريب.

ورأى الباحث المغربي أن العلاقات الطيبة بين بريطانيا والمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة تفتح المجال أمام دور بريطاني أكثر فعالية في إيجاد الأرضية المناسبة لتطبيق مبادرة الحكم الذاتي، مما قد يساهم في الوصول إلى حل نهائي لهذا النزاع المطول.

واعتبر شقير أن التقارب في المواقف الدولية، والتحديات المالية التي تواجه البعثات الأممية، والضغوط المتزايدة لإنهاء هذا الملف، كلها عوامل تشير إلى أن المرحلة القادمة قد تشهد تطورات حاسمة في مسار قضية الصحراء المغربية، خاصة في ظل النزاع الذي أصبح عبئاً على المجتمع الدولي ومصدر تهديد لاستقرار المنطقة.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY