تحت غطاء دبلوماسي لتبادل التهاني بمناسبة عيد الأضحى، كشفت مجلة “جون أفريك” الفرنسية عن تفاصيل مقلقة لمكالمة هاتفية بين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره التونسي قيس سعيد، معتبرة إياها دليلاً على توجهات خطيرة قد تفضح مخططاً جزائرياً لجر تونس إلى قلب الصراع الإقليمي حول الصحراء.
مقترح جزائري بتبعات استراتيجية
وفقًا لما كشفته المجلة استنادًا إلى مصادر في المعارضة التونسية، فإن المكالمة تجاوزت حدود المجاملات التقليدية. فقد اقترح الرئيس تبون على الرئيس سعيد فكرة استضافة قيادات من جبهة البوليساريو على الأراضي التونسية.
ويرى تقرير “جون أفريك” في هذا المقترح محاولة جزائرية واضحة لتصدير أزمتها الإقليمية، وتوسيع جبهة النزاع لتشمل تونس، بعد أن فشلت محاولات مماثلة مع موريتانيا التي تمسكت بـ”الحياد الإيجابي” رغم اعترافها بالبوليساريو في 1984، وهو اعتراف لم يتطور إلى تمثيلية دبلوماسية أو سفارة رغم استقبال نواكشوط لقياديين من البوليساريو من حين لآخر.
ويحلل التقرير هذه الخطوة باعتبارها لا تعكس فقط إصرار الجزائر على استخدام ورقة الصحراء لتأجيج التوتر، بل تفضح أيضًا ما وصفته بـ”ضعف القرار السياسي التونسي” الذي يبدو خاضعًا للتأثير الجزائري، مما يهدد سيادة تونس واستقلالية قرارها الوطني بشكل مباشر.
تونس: تضحية بالمصالح الوطنية في مواجهة الأزمات
تُبرز “جون أفريك” أن هذا التوجه يأتي في وقت حرج لتونس التي تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية متفاقمة وهشاشة سياسية. وتعتبر المجلة أن قبول تونس بمثل هذا المقترح لن يخدم مصالحها الوطنية، بل سيجرها إلى صراعات إقليمية معقدة، ويزيد من عزلتها، ويفاقم أزماتها الداخلية.
كما نقلت الصحيفة تحذيرات المعارضة التونسية من الانجرار وراء السياسات الجزائرية، مشيرة إلى أن هذا التنسيق قد يدفع بالبلاد إلى “مستنقع” صراع لا طائل منه، ويضعها في مواجهة مباشرة مع جيرانها.
النفوذ الإيراني: بُعد إضافي للقلق
لم يقتصر تقرير “جون أفريك” على ملف البوليساريو، بل أكد أن المحادثات بين تبون وسعيد شملت أيضًا ملف العلاقات مع إيران. ويثير هذا التقارب، بحسب المجلة، تساؤلات جدية حول طبيعة التحالفات الإقليمية التي تتشكل، ومدى تأثير النفوذ الإيراني على قرارات البلدين.
وتلفت المجلة الانتباه إلى أن هذا التوجه يضيف طبقة جديدة من التعقيد والتوتر لمنطقة تعاني أساسًا من هشاشة أمنية وجيوسياسية.
خلاصة “جون أفريك”: فشل المشروع المغاربي
في ختام تحليلها، خلصت المجلة الفرنسية إلى أن هذه التحركات تعكس فشلاً في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
فبدلاً من السعي نحو بناء اتحاد مغاربي قوي، ينشغل النظامان في الجزائر وتونس بأجندات سياسية ضيقة تخدم مصالحهما الآنية على حساب الاستقرار طويل الأمد لشعوب المنطقة.
واعتبر التقرير أن قضية الصحراء المغربية، التي توظفها الجزائر كعقبة أساسية، تظل العائق الأبرز أمام الوحدة المغاربية. أما خضوع تونس لهذه السياسات، فيكشف، بحسب “جون أفريك”، عن غياب رؤية وطنية واضحة، ويجعل البلاد في موقف هش وأكثر عرضة للضغوط الخارجية، مما يزيد من هشاشة موقعها في المشهد الإقليمي.