تتواصل الدعوات الدولية لاحتواء التصعيد، حيث برز عرض أوروبي تقوده ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لإجراء محادثات فورية مع إيران بشأن برنامجها النووي في محاولة لتهدئة الوضع.
وقد أكد وزير الخارجية الألماني استعداد بلاده للتفاوض، معرباً عن أمله في أن تقبل طهران هذا العرض لوقف دوامة العنف.
على الأرض، تبدو لغة الحرب هي السائدة، إذ أكد وزير الخارجية الإيراني أن هجمات بلاده ستستمر رداً على “العدوان الصارخ” الذي بدأته إسرائيل فجر الجمعة بهجوم واسع أسمته “الأسد الصاعد”.
وقد ردت إيران بدورها بسلسلة من الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة التي استمرت في ثماني موجات متتالية.
هذا التصعيد المتبادل يمثل تحولاً استراتيجياً خطيراً، حيث انتقل الصراع من “حرب الظل” التي كانت تقتصر على عمليات سرية واغتيالات، إلى مواجهة عسكرية مفتوحة وغير مسبوقة.
وفي خضم هذا التوتر، دعت دول مثل كوريا الجنوبية وأستراليا الطرفين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
في تحليل استراتيجي للمشهد المتأزم، يضع الخبير السياسي محمد شقير، في حديثه للمحيط، الخطوات الإيرانية الأخيرة في سياقها الطبيعي.
واعتبر شقير في حديثه مع المحيط، أن طهران انتقلت من منطق الدبلوماسية إلى حالة مواجهة مباشرة، سيما بعد الهجوم الإسرائيلي.
ويرى شقير أن قرار إيران الانسحاب من المفاوضات وتصعيد برنامجها النووي لم يكن مفاجئاً، بل هو رد فعل محسوب على الضغوط الدولية المتزايدة.
يأتي هذا التحليل في أعقاب خطوة تصعيدية من مجلس محافظي «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، الذي تبنّى مشروع قرار غربياً ضد إيران هو الأول من نوعه منذ عقدين، متهماً إياها بـ “عدم الامتثال لالتزاماتها”.
القرار، الذي حذر من إمكانية رفع الملف إلى مجلس الأمن، لم يردع طهران، بل دفعها إلى الرد الفوري عبر تشغيل مركز جديد لتخصيب اليورانيوم وتحديث أجهزة الطرد المركزي.
هذا الموقف الإيراني تم التعبير عنه على أعلى المستويات، حيث أكد الرئيس مسعود بزشكيان أن بلاده “ستواصل مسيرتها وستستمر في التخصيب”، فيما توعد رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف بأن “التخصيب بأجهزة متقدمة وتقليص الرقابة” هي ردود مشروعة على “الطمع المتزايد“.
ويختتم شقير تحليله بالإشارة إلى أن رفض إيران الجلوس إلى طاولة المفاوضات هو رسالة سياسية مباشرة للولايات المتحدة، التي تتهمها طهران بالتورط في الهجوم الإسرائيلي.
وبهذه الخطوة، تؤكد إيران تشبثها ببرنامجها النووي كأداة ردع أساسية، وتظهر للعالم أنها لن تتراجع عن مسار قد يقودها في النهاية إلى امتلاك قنبلتها النووية، مهما كانت الضغوط.