في خطوة قد تعيد رسم ملامح صناعة المحتوى الرقمي، أعلن الرئيس التنفيذي ليوتيوب، نيل موهان، خلال كلمته الرئيسية في مهرجان كان ليونز الدولي للابداع، عن اطلاق أداة جديدة تتيح انشاء فيديوهات “شورتس” القصيرة من الصفر، بالاعتماد الكلي على مولد الذكاء الاصطناعي “فيو 3” التابع لشركة جوجل.
هذا الاعلان يمثل نقطة تحول، ويفتح الباب امام منصة متكاملة لانتاج محتوى اصطناعي بالكامل، وهو ما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الخط الفاصل والهش اصلا بين الواقع والخيال.
الرئيس التنفيذي ليوتيوب، شأنه شأن العديد من المسؤولين في قطاع التكنولوجيا، أبدى حماسا بالغا تجاه الامكانات التي يتيحها الذكاء الاصطناعي.
ونقلت عنه “هوليوود ريبورتر” قوله خلال الكلمة الرئيسية: “الاحتمالات مع الذكاء الاصطناعي لا حدود لها. الكثير يمكن ان يتغير في جيل واحد. لقد تغير الترفيه نفسه في العقدين الماضيين اكثر من اي وقت مضى في التاريخ، وصناع المحتوى هم من قادوا هذه الثورة”.
في المقابل، يبرز تيار نقدي يرى ان هناك احتمالا آخر اكثر قتامة، يتمثل في خلق جبل متراكم من المحتوى الرديء الذي لا يثري تجربة المشاهد، بل ويهدد بتقويض مصداقية المنصة.
المفارقة الصارخة تكمن في الاشادة بالثورة التي قادها صناع المحتوى من جهة، وتقديم اداة ثورية قد تبتلع محتواهم وتعيد انتاجه على شكل نفايات رقمية من جهة اخرى.
هذه المخاوف لم تغب عن هوليوود، التي تراقب المشهد عن كثب. فبينما ابرمت يوتيوب بالفعل اتفاقا مع وكالة الفنانين المبدعين (CAA) يمنح الفنانين والرياضيين سيطرة على استخدام صورهم، فإن هذا الحل يمثل فقط جزءا من الفنانين المستعدين للتعامل مع هذا التسونامي التكنولوجي القادم.
في المقابل، عبر مئات الممثلين عن قلقهم البالغ من قدرة الذكاء الاصطناعي على تدمير حياتهم المهنية ونهب ملكيتهم الفكرية، مطالبين بوضع اطار قانوني صارم لتنظيم هذه التقنيات. وحتى هذه اللحظة، تبدو هذه الدعوات وكأنها صيحات في واد، مما يعيدنا الى خطط يوتيوب لفتح صنبور المحتوى الاصطناعي على مصراعيه.
نحن نقف اليوم على اعتاب مرحلة ضبابية، حيث يصبح التمييز بين الحقيقي والمزيف تحديا يوميا. ورغم ان اداة يوتيوب الجديدة قد لا تكون المسمار الاخير في نعش الواقع، الا انها بلا شك خطوة واضحة في اتجاه فوضوي.
يبدو انه لم يعد امامنا سوى الاعتياد على هذا الواقع الجديد، ويبقى السؤال: الى اي مدى يمكن ان يسوء المشهد اكثر؟