حرب الذكاء الاصطناعي: صراع العمالقة للسيطرة على مستقبل التكنولوجيا


لم يكن سباق الذكاء الاصطناعي ليكون وديًا على الإطلاق. لكن ما يحدث في وادي السيليكون في عام 2025 يبدو أقرب إلى دراما عائلية عن السلطة على غرار مسلسل “Succession” ممزوجة بالكآبة التكنولوجية لمسلسل “Black Mirror”، أكثر من كونه مجرد تنافس تقني تقليدي. انسوا لغة البرمجة، فالأمر يتعلق بالسلطة والسيطرة ونافذة زمنية تضيق بسرعة للهيمنة على أكثر التقنيات التحويلية في التاريخ.

في قلب هذا الصراع: ثلاثة رجال، وثلاث رؤى للعالم، وخط نهاية واحد.

لنفصل أطراف النزاع:

1. سام ألتمان ضد إيلون ماسك

هذا الصراع شخصي وقضائي. شارك ماسك وألتمان في تأسيس OpenAI عام 2015 كمنظمة غير ربحية مكرسة لبناء ذكاء اصطناعي آمن ومفتوح المصدر. لكن هذه الصداقة القوية انهارت عندما حاول ماسك السيطرة على الشركة في عام 2018 وفشل، فغادر بغضب ومرارة ومنذ ذلك الحين وهو يهاجم OpenAI.

في عام 2023، رفع ماسك دعوى قضائية ضد OpenAI وألتمان، متهمًا إياهما بخيانة مهمة المنظمة غير الربحية من خلال التحالف بشكل وثيق مع مايكروسوفت ووضع الربح فوق السلامة. لا تزال الدعوى عالقة في المحكمة الفيدرالية. وتدعي، من بين أمور أخرى، أن منتج OpenAI الرئيسي، ChatGPT، هو سلاح تجاري مغلق المصدر، مموّل من كبرى شركات التكنولوجيا ومحاط بالسرية.

ينفي ألتمان هذه الخيانة، وقد رفعت OpenAI دعوى مضادة. الدراما القانونية معقدة، وقد استدعى كلا الطرفين وثائق داخلية كأدلة.

في غضون ذلك، تعمل شركة xAI التابعة لماسك على تطوير منافسها الخاص لـ ChatGPT وإطلاقه على منصة X (تويتر سابقًا).

إنها معركة علنية ومكلفة للغاية حول من سيحظى بفرصة تحديد مفهوم الذكاء الاصطناعي الأخلاقي.

الرهانات: كلاهما يريد بناء الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، وهو نظام أذكى من البشر. يريد ماسك أن يفعل ذلك بطريقته الخاصة التي تتسم بشفافية جذرية وبدون قيود من الشركات الكبرى. بينما يريد ألتمان أن يفعل ذلك بأموال مايكروسوفت وإشرافها، مع نهج يضع المهمة أولاً. الجائزة هي مستقبل سلامة الذكاء الاصطناعي، وربما مستقبل الحضارة نفسها.

2. سام ألتمان ضد مايكروسوفت

كان من المفترض أن يكونا في نفس الفريق. استثمرت مايكروسوفت أكثر من 13 مليار دولار في OpenAI وتستخدم ChatGPT لتشغيل خدمات Bing وCopilot وAzure. لكن الشركتين الآن على خلاف متزايد وتتجهان نحو قطيعة محتملة.

شكلت مايكروسوفت بهدوء فريقًا داخليًا خاصًا بها للذكاء الاصطناعي يُدعى MAI، والذي يعمل على تطوير نماذج تأسيسية مستقلة عن OpenAI. تريد الشركة المزيد من السيطرة، وعدد أقل من المفاجآت، وربما البحث عن بديل كامل.

في المقابل، حوّل ألتمان OpenAI إلى كيان عملاق هجين يجمع بين المنظمة غير الربحية والشركة التجارية. فهو يبني رقاقات مخصصة، ويطلق متجرًا لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ويتحرك بسرعة نحو الأجهزة والخدمات الموجهة للشركات، وهو ما تعتبره مايكروسوفت منافسة مباشرة.

إنه زواج متصدع لا يزال قائمًا بفضل المنفعة المتبادلة، ولكن بالكاد.

الرهانات: قد يؤدي الانفصال الفعلي إلى قلب النظام البيئي للذكاء الاصطناعي للشركات بأكمله، وفتح الباب أمام منافسين مثل جوجل أو ميتا أو أنثروبيك للانقضاض على الفرصة. وقد تنتهي هذه العلاقة بصدام آخر في قاعة المحكمة.

3. سام ألتمان ضد مارك زوكربيرج

إنها أهدأ الحروب، ولكنها قد تكون الأكثر شراسة. جعلت ميتا الذكاء الاصطناعي أولويتها القصوى لعام 2025، ويتجه زوكربيرج مباشرة نحو فريق ألتمان.

في الأشهر الأخيرة، عرضت ميتا 100 مليون دولار وأكثر كمكافآت توقيع لباحثي OpenAI في محاولة لاستقطاب أفضل المواهب، حسب قول ألتمان. حتى الآن، ظل معظمهم مخلصين لألتمان، لكن حجم العروض أثار صدمة في وادي السيليكون.

في بودكاست مع شقيقه، قال ألتمان رأيه بوضوح: “بدأوا في تقديم هذه العروض الضخمة للكثير من الأشخاص في فريقنا، كما تعلمون، مثل مكافآت توقيع بقيمة 100 مليون دولار”، مضيفًا: “هذا جنون”. واتهم ميتا بأنها “تحاول ببساطة نسخ OpenAI، وصولًا إلى أخطاء واجهة المستخدم”.

استراتيجية زوكربيرج مألوفة: أنفق أكثر، وظّف أكثر، واصمد لفترة أطول. لا تزال أدوات الذكاء الاصطناعي لدى ميتا أساسية مقارنة بـ ChatGPT، ولكن مع ما يكفي من التوظيف والاستحواذات (مثل المحادثات المزعومة مع شركة PlayAI الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي الصوتي)، تأمل ميتا في تحقيق قفزة نوعية وتجاوز المنافسين.

الرهانات: لا يقاتل زوكربيرج من أجل الهيمنة على الذكاء الاصطناعي فحسب، بل من أجل الحفاظ على أهمية شركته. إذا فشلت ميتا في اللحاق بالركب، فقد تُترك وراءها في عالم يصبح فيه الذكاء الاصطناعي، وليس وسائل التواصل الاجتماعي، هو المنصة الحاسوبية الكبرى التالية.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

آخر الأخبار

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

آخر الأخبار

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY