لا تحظى عمليات استقطاب المواهب عادةً بانتشار واسع، لكن هذه القصة تضمنت كل المقومات اللازمة لقصة مثيرة: صراع بين “ميتا” و “OpenAI”، ومكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار.
تسعى شركة “ميتا” بقوة لاستقطاب مواهب الذكاء الاصطناعي من أفضل المختبرات، وعلى رأسها “OpenAI”، في محاولة للتفوق على منافسيها. تفاصيل القصة المتصاعدة درامية وغريبة لدرجة أنها أصبحت مادة أغرب من الخيال لمتابعي الإنترنت الذين يشاهدونها تتكشف لحظة بلحظة.
كيف بدأت حمى الاستقطاب في ميتا
بدأت القصة مع شعور مارك زوكربيرج، الرئيس التنفيذي لـ “ميتا”، بالإحباط من تقدم شركته في السباق نحو الهيمنة على الذكاء الاصطناعي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ظهرت تقارير تفيد بأن زوكربيرج بدأ شخصيًا في تجنيد المواهب لتشكيل مجموعة “الذكاء الفائق” لتسريع جهود البحث والتطوير في “ميتا”.
وشمل ذلك الظفر بالرئيس التنفيذي لشركة Scale AI، ألكسندر وانغ، لقيادة الفريق، وهي خطوة يبدو أنها أثارت استياء “OpenAI” بشدة، نظرًا لشراكتها طويلة الأمد مع Scale AI. وتشير الأنباء إلى أن “OpenAI” (وجوجل) قطعت علاقاتها مع Scale AI بعد هذه العملية.
شملت جهود “ميتا” أيضًا إغراء باحثي “OpenAI” بمكافآت توقيع تصل إلى 100 مليون دولار، وفقًا لما ذكره سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ “OpenAI”، في مقابلة بودكاست مع شقيقه جاك ألتمان. في البداية، لم يبد سام متأثرًا وقال: “أنا سعيد حقًا لأنه حتى الآن لم يقرر أي من أفضل موظفينا قبول عرض [ميتا]”.
لاحقًا، اتخذ ألتمان ومدير العمليات في الشركة، براد لايتكاب، موقفًا هجوميًا خلال بث مباشر لبودكاست صحيفة “نيويورك تايمز”، حيث سُئلا عما إذا كان زوكربيرج يؤمن حقًا بالذكاء الفائق أم أنه يستخدم ذلك كتكتيك للتجنيد، ليرد لايتكاب: “أعتقد أن [زوكربيرج] يعتقد أنه هو فائق الذكاء”. وبعد أيام، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن “ميتا” نجحت في استقطاب ثلاثة موظفين من مكتب “OpenAI” في زيورخ.
كان الأمر مزحة بالنسبة لـ OpenAI.. إلى أن تغير الوضع
حتى تلك اللحظة، كان زوكربيرج وألتمان في منافسة أشبه بالنزاعات الشخصية، أو بالأحرى كان زوكربيرج ينافس ألتمان الذي كان يعتبر الأمر برمته مزحة. فعندما أُفيد بأن “ميتا” تخطط لتطبيق مستقل لمنافسة ChatGPT، رد ألتمان بسخرية قائلًا: “حسنًا، ربما سنقوم نحن بإنشاء تطبيق اجتماعي”. من الخارج، كان الأمر يبدو صبيانيًا.
لكن الأمور بدت مختلفة هذا الأسبوع بالنسبة لـ “OpenAI”. يوم الإثنين، كشفت مذكرة داخلية من زوكربيرج عن حجم تكتيكات “ميتا” الهجومية في التوظيف. وبحسب المذكرة، استقطبت “ميتا” 11 موظفًا لفريقها للذكاء الفائق من “OpenAI” و”جوجل” و”أنثروبيك”، من بينهم أربعة موظفين من “OpenAI”.
في المقابل، رسمت مذكرة داخلية من “OpenAI” صورة لشركة تعيش أزمة. حيث أخبر مارك تشين، كبير مسؤولي الأبحاث، الموظفين أن الفريق التنفيذي “يعمل على مدار الساعة للتحدث مع من لديهم عروض”، ويحاول الاحتفاظ بالمواهب. وأضاف تشين: “لقد كنا استباقيين أكثر من أي وقت مضى، ونعيد تقييم التعويضات، ونبحث عن طرق مبتكرة لتقدير ومكافأة أفضل المواهب”.
وصل الوضع إلى درجة أن “OpenAI” منحت موظفيها إجازة في الأسبوع التالي للتعافي من عبء العمل والوتيرة المجهدة، بينما يحاول القادة السيطرة على الأمور.
استقطاب ميتا الشرس للمواهب يسيطر على مجتمع الذكاء الاصطناعي على الإنترنت
وبينما يتصارع اثنان من الرؤساء التنفيذيين المليارديرات على أفضل المواهب بحوافز مالية خيالية، تفاعل الإنترنت مع الأحداث على طريقته الخاصة.
ولوضع الأمور في نصابها، قارن مستخدمون على منصة “إكس” مكافأة الـ 100 مليون دولار المزعومة بأكبر صفقة انتقال في تاريخ كرة القدم آنذاك، عندما دفع ريال مدريد 80 مليون جنيه إسترليني لكريستيانو رونالدو في عام 2009 (وقد نفى أحد موظفي ميتا الجدد علنًا صحة هذا الرقم).
وحتى لو كان مبلغ الـ 100 مليون دولار مبالغًا فيه، يرى الكثيرون أن صناعة التكنولوجيا أصبحت تشبه عالم الرياضة الاحترافية بشكل متزايد. بينما أصيب آخرون على “تويتر” بالذهول من سباق العقول المكلف جدًا في مجال الذكاء الاصطناعي، ومن الشائعات حول جهود زوكربيرج المكثفة والمكلفة لجلب ألمع العقول إلى شركته في مينلو بارك.
