بنشعبون يقود اتصالات المغرب نحو المستقبل بخبرة تدبيرية استثنائية

تشهد شركة اتصالات المغرب منعطفا حاسما منذ تعيين محمد بنشعبون رئيسا لمجلس الادارة في الأول من مارس 2025. هذا التغيير لم يكن مجرد تبديل في القيادة، بل يمثل تحولا جذريا لواحدة من اكبر شركات الاتصالات في افريقيا، وسط ضغوط تنافسية متزايدة ورقابة تنظيمية مشددة والحاجة الملحة للتحديث الرقمي.

جاء تولي بنشعبون المنصب في لحظة حاسمة تشهد فيها اتصالات المغرب تحولا عميقا يتجاوز الحدود المغربية. مع اقتراب مونديال 2030 الذي تستضيفه المغرب واسبانيا والبرتغال، لم تعد الضغوط لتوسيع البنية التحتية وتحسين الاتصال وتسريع نشر تقنية الجيل الخامس مجرد تحديات نظرية، بل أصبحت اولوية وطنية واقليمية عاجلة.

بنشعبون ليس غريبا عن التعقيدات. بخلفيته التي تمتد عبر الاتصالات والمصارف والسياسة الاقتصادية، يجلب معه مجموعة ادوات واسعة بشكل استثنائي الى قطاع الاتصالات.

خريج المدرسة الوطنية العليا للاتصالات في باريس، بدأ مسيرته المهنية في الكاتيل الستوم قبل الانتقال الى الخدمة العامة. بدأ اولا كمدير للجمارك والضرائب غير المباشرة، ثم كرئيس للمنظم المغربي للاتصالات “ان ار تي” من 2003 الى 2008.

قاد لاحقا البنك الشعبي المركزي خلال عقد من التوسع الاقليمي، وخدم كوزير للاقتصاد والمالية من 2018 الى 2021، وشغل منصبا دبلوماسيا كسفير للمغرب في فرنسا. دوره الأخير في ادارة صندوق محمد السادس للاستثمار رسخ مكانته كواحد من الشخصيات الأساسية في التخطيط الاقتصادي الاستراتيجي للمغرب.

في اتصالات المغرب، يجلب هذا التكنوقراطي المخضرم توازنا من الفطنة التنظيمية والانضباط المالي والوعي الجيوسياسي، وهي صفات باتت ضرورية بشكل متزايد لقطاع يقف عند مفترق طرق التحول الرقمي العالمي ومتطلبات التنمية الوطنية.

بدأ الفصل الجديد لاتصالات المغرب تحت ضغط. في 2024، غرمت الشركة 6.3 مليار درهم (640 مليون دولار) بسبب ممارسات منافية للمنافسة، وهو مبلغ يتجاوز صافي ربحها السنوي. دفع هذا الحكم الى مراجعة داخل الشركة، مع عمليات تدقيق داخلية وتغييرات تنفيذية وصياغة هياكل حوكمة جديدة تتماشى مع المعايير الدولية.

تصويت المساهمين المقرر في يونيو 2025 من المتوقع ان يصادق على تغييرات شاملة في الشفافية والرقابة وثقافة الاداء. تعتبر قيادة بنشعبون محورية في التعامل مع هذا التحول. معروف بحرصه ورؤيته طويلة المدى، كلف ليس فقط بإصلاح الاضرار في السمعة بل بإعادة تموضع اتصالات المغرب للعصر الرقمي.

جاءت احد اهم التحركات تحت اشرافه بسرعة. في مارس 2025، وقعت اتصالات المغرب اتفاقية تعاون تاريخية مع منافسها القديم “انوي”. قبل اشهر قليلة، كانت الشركتان متورطتين في نزاع قانوني. الان، اصبحتا شريكتين، تتشاركان البنية التحتية وتنسقان نشر الجيل الخامس وتنسجمان في اولويات الابتكار.

هذا التحالف غير المتوقع يشير الى تحول اوسع نحو نضج السوق في قطاع الاتصالات المغربي. للمستهلكين والمؤسسات، المكاسب المحتملة كبيرة: اتصال افضل، نشر اسرع لشبكات الجيل التالي، وتقليل التكرار في الانفاق على البنية التحتية الوطنية.

جلب ابريل قفزة استراتيجية اخرى: شراكة جديدة مع فودافون بزنس تهدف الى تعزيز الخدمات السحابية والامن السيبراني وحلول المؤسسات عبر المغرب والمنطقة الاوسع.

هذه التحركات، المدعومة باللباقة الدبلوماسية والمصداقية المؤسسية لبنشعبون، تشكل جزءا من طموح اتصالات المغرب الاكبر للعب دور قيادي اقليمي في التحول الرقمي الافريقي.

العد التنازلي لكأس العالم 2030 يلقي بظلاله على كل تنفيذي في الاتصالات بالمغرب. بالنسبة لبنشعبون، انه موعد نهائي واختبار حقيقي. استضافة واحدة من اكبر الاحداث الرياضية في العالم يتطلب بنية تحتية رقمية سلسة واتصالا متحركا قويا وبيئات بيانات امنة، خاصة مع اعتماد المتفرجين والمذيعين والحكومات بشكل متزايد على الخدمات الرقمية الفورية.

هذا يعني ان الجيل الخامس ليس مجرد كلمة طنانة، بل اولوية وطنية. رغم البرامج التجريبية والعروض التجارية المبكرة، يبقى النشر الواسع للجيل الخامس غير متساو عبر المغرب. التحدي ليس تقنيا فحسب، بل اقتصادي وسياسي: يتطلب ادارة تخصيص الطيف والتفاوض مع البائعين والحماية من المخاطر السيبرانية وضمان الوصول العادل.

يسعى المغرب لتوسيع تغطية الجيل الخامس لـ25% من سكانه بحلول نهاية 2025، مع هدف الوصول الى 70% بحلول 2030، وفقا لانرت. النشر سيعطي الاولوية للمدن الكبرى والمناطق الاقتصادية الاستراتيجية، بما في ذلك المناطق الصناعية وحدائق التكنولوجيا ومراكز الابتكار.

تأتي هذه المبادرة واسعة النطاق كجزء من تعاون مفصلي بين اتصالات المغرب وانوي، الذي انشأ في مارس مشروعين مشتركين لدعم الجهد. فايبر كو تخطط لنشر مليون اتصال بالألياف البصرية خلال سنتين والتوسع الى ثلاثة ملايين خلال خمس سنوات. تاور كو، المشروع الثاني، مقرر ان يبني 2000 برج اتصالات بحلول 2028 و6000 بحلول 2033.

الاستثمار الاجمالي، المتوقع بـ4.4 مليار درهم (440 مليون دولار)، يسعى لتعزيز الكفاءة وتسريع الوصول على مستوى البلاد من خلال البنية التحتية المشتركة. في الوقت نفسه، تتابع اورانج المغرب نهجا موازيا، تزن مزيجا من التطوير المستقل والشراكات الانتقائية.

معرفة بنشعبون العميقة بانظمة المالية العامة والتنظيم قد تثبت حاسميتها هنا. دوره في نشر الخدمات العامة السحابية وانظمة الهوية الرقمية خلال فترته كوزير للمالية يؤكد فهمه لكيفية استغلال البنية التحتية للاتصالات للتنمية الاجتماعية والاقتصادية الاوسع.

تبقى اتصالات المغرب مؤسسة عريقة، بعمليات في 11 دولة افريقية وجذور عميقة في نموذج التنمية المغربي بقيادة الدولة. لكن، في عصر يتميز بالشركات الناشئة والمنصات السحابية الاصلية والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، يتسارع الضغط للتحديث.

مع رأس المال الخاص الذي يطالب بالأداء بشكل متزايد والمنظمين الذين يشددون الضوابط، تتقلص هوامش الخطأ. من المتوقع ان يحقق بنشعبون توازنا بين الوصاية التراثية والابتكار المستقبلي. قدرته على التنقل في سياسات غرف الاجتماعات واسواق رأس المال الدولية تؤهله بشكل فريد لقيادة عملاق الاتصالات الى مرحلته التالية.

المخاطر عالية. من إعادة بناء الثقة بعد الغرامات التنظيمية، الى تحويل المغرب الى مضيف كأس عالم مدعوم بالجيل الخامس، الى توسيع بصمة اتصالات المغرب عبر الاقتصادات الرقمية الناشئة في افريقيا، التحديات شاسعة ومترابطة.

رغم هذه المخاطر، تأتي ايضا افاق واسعة من الفرص. مع محمد بنشعبون على رأس القيادة، تراهن اتصالات المغرب على القيادة التكنوقراطية لتحقيق إعادة التوجه الاستراتيجي، ليس فقط من أجل قيمة المساهمين، بل من اجل مستقبل البنية التحتية الرقمية للمغرب ومكانته على المسرح العالمي.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

آخر الأخبار

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

آخر الأخبار

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY