يأتي الخطاب الملكي لعيد العرش المجيد كمناسبة سنوية لتجديد روابط البيعة وتقييم انجازات المملكة المغربية والتطلع نحو المستقبل. في هذا الخطاب، قدم الملك محمد السادس رؤية شاملة تركز على التنمية المجالية المتكاملة والعلاقات الاقليمية.
المحور الاول: الانجازات الاقتصادية والصناعية
النمو الاقتصادي المستدام
اكد الملك ان المغرب حافظ على نسبة نمو هامة ومنتظمة رغم توالي سنوات الجفاف وتفاقم الازمات الدولية. هذا النمو جاء نتيجة رؤية بعيدة المدى وصواب الاختيارات التنموية الكبرى والاستقرار السياسي والمؤسسي.
النهضة الصناعية
شهد المغرب نهضة صناعية غير مسبوقة، حيث ارتفعت الصادرات الصناعية منذ 2014 بأكثر من الضعف، خاصة تلك المرتبطة بالمهن العالمية للمغرب. القطاعات الرائدة تشمل:
- صناعة السيارات
- صناعة الطيران
- الطاقات المتجددة
- الصناعات الغذائية
- السياحة
الشراكات الدولية والبنية التحتية
يتميز المغرب بتعدد وتنوع شركائه الاقتصاديين، حيث يرتبط الاقتصاد الوطني بما يناهز ثلاثة مليار مستهلك عبر العالم بفضل اتفاقيات التبادل الحر. كما يتوفر على بنيات تحتية حديثة ومتينة بمواصفات عالمية، مع اطلاق مشاريع جديدة مثل تمديد خط القطار فائق السرعة بين القنيطرة ومراكش.
المحور الثاني: التحديات الاجتماعية والمجالية
تقييم التنمية البشرية
اظهرت نتائج الاحصاء العام للسكان 2024 تحولات مهمة، منها:
- تراجع مستوى الفقر متعدد الابعاد من 11.9% سنة 2014 الى 6.8% سنة 2024
- تجاوز المغرب عتبة مؤشر التنمية البشرية ليدخل فئة الدول ذات “التنمية البشرية العالية”
التحديات المستمرة
رغم هذه الانجازات، تواجه بعض المناطق، خاصة بالعالم القروي، تحديات تتعلق بالفقر والهشاشة بسبب النقص في البنيات التحتية والمرافق الاساسية، وهو ما لا يتماشى مع رؤية “مغرب لا يسير بسرعتين”.
المحور الثالث: استراتيجية التنمية المجالية المندمجة
النقلة النوعية المطلوبة
دعا الملك الى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية الى مقاربة التنمية المجالية المندمجة، بهدف شمول ثمار التقدم لكل المواطنين في جميع المناطق دون تمييز او اقصاء.
البرامج الجديدة للتنمية الترابية
وجه الملك الحكومة لاعتماد جيل جديد من برامج التنمية الترابية يرتكز على:
- تثمين الخصوصيات المحلية
- تكريس الجهوية المتقدمة
- مبدأ التكامل والتضامن بين المجالات الترابية
- توحيد جهود مختلف الفاعلين
الاولويات الاربع للتنمية المجالية
حدد الملك اربع اولويات رئيسية:
اولا: دعم التشغيل عبر تثمين المؤهلات الاقتصادية الجهوية وتوفير مناخ ملائم للمبادرة والاستثمار المحلي.
ثانيا: تقوية الخدمات الاجتماعية الاساسية خاصة في مجالي التربية والتعليم والرعاية الصحية، بما يصون كرامة المواطن ويكرس العدالة المجالية.
ثالثا: التدبير المستدام للموارد المائية اعتماد تدبير استباقي ومستدام للموارد المائية في ظل تزايد حدة الاجهاد المائي وتغير المناخ.
رابعا: التأهيل الترابي المندمج اطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمج في انسجام مع المشاريع الوطنية الكبرى.
المحور الرابع: الاستعداد للانتخابات التشريعية
اكد الملك على ضرورة توفير المنظومة العامة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب المقبلة قبل نهاية السنة الحالية، مع اعطاء توجيهات سامية لوزير الداخلية للاعداد الجيد وفتح باب المشاورات السياسية مع مختلف الفاعلين.
المحور الخامس: العلاقات الاقليمية والقضايا الاستراتيجية
العلاقة مع الجزائر
اكد الملك على موقفه الثابت من الشعب الجزائري كشعب شقيق تجمعه بالمغرب علاقات انسانية وتاريخية عريقة. عبر عن:
- استعداد المغرب لحوار صريح ومسؤول
- الالتزام الراسخ باليد الممدودة
- الايمان بوحدة الشعوب وقدرتها على تجاوز الوضع الحالي
- التمسك بالاتحاد المغاربي
قضية الصحراء المغربية
اعتز الملك بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع، مع شكر المملكة المتحدة والبرتغال على مواقفهما الداعمة. اكد الحرص على ايجاد حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب يحفظ ماء وجه جميع الاطراف.
المحور السادس: التقدير والعرفان
وجه الملك تحية اشادة وتقدير لكل مكونات القوات المسلحة الملكية والدرك الملكي والادارة الترابية والامن الوطني والقوات المساعدة والوقاية المدنية على تفانيهم وتجندهم الدائم.
كما استحضر بخشوع الارواح الطاهرة لشهداء المغرب الابرار، وفي مقدمتهم الملكين محمد الخامس والحسن الثاني.
يمثل هذا الخطاب الملكي خريطة طريق شاملة للمرحلة المقبلة، تركز على تحقيق التنمية المجالية المتوازنة والعدالة الاجتماعية، مع الحفاظ على الانفتاح الاقليمي والدولي.
الرؤية الملكية تهدف الى بناء مغرب موحد ومتضامن حيث تصل ثمار التنمية الى كل المواطنين في جميع المناطق والجهات.