وجه الائتلاف المدني من أجل الجبل مذكرة إلى رئيس الحكومة، يطالبه فيها بالتدخل العاجل لإنصاف المناطق الجبلية واعتبار تأهيلها ورشا استعجاليا لتصحيح التفاوتات وتحقيق العدالة المجالية، مستندا في ذلك إلى التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش الأخير.
وفي تصريح خص به “المحيط”، أوضح محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف، أن هذه الخطوة تأتي لرفع صوت ساكنة المناطق الجبلية لدى متخذي القرار. وأضاف: “التقطنا التوجيهات الملكية في خطاب العرش واعتبرناها سندا لنا في مطالبنا للحكومة، خاصة وأن الخطاب الملكي عبر عن عدم الرضا بما تحقق حتى الآن في المناطق المهمشة”.
واعتبر الديش أنه “لا يمكن أن نرضى، كما لا يرضى الملك، بأن يعيش مواطنون في مستويات دنيا بينما يتمتع آخرون في المراكز الحضرية بظروف أفضل”.
وشدد على أن ساكنة الجبال لا تطالب إلا بحقها في الثروة الوطنية والدورة الاقتصادية وفي معدلات وطنية تضمن لها الولوج للخدمات الأساسية.
وأشار المنسق الوطني لائتلاف الجبل إلى أن “الخصاص الكبير” الذي تعاني منه هذه المناطق في الصحة والتعليم والشغل والولوج للخدمات هو ما يفسر الاحتجاجات المتكررة، سواء تلك المرتبطة بالعطش والجفاف أو المطالبة بالمسالك الطرقية والخدمات الصحية، وصولا إلى المطالبة بالربط بشبكات الهاتف والانترنت.
وانتقد الديش ما وصفه بـ”الفشل الكبير للتدبير الحكومي” في ملف إعادة إعمار الأطلس الكبير المتضرر من الزلزال، معتبرا أن ذلك يثبت أن المجال الجبلي يوجد في آخر اهتمامات الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة.
المذكرة، التي جاءت بعد سلسلة من النداءات، استندت على السياق الدستوري والدولي، وعلى التفاعل الملكي الحازم في خطاب العرش الذي أكد أنه “لا مكان اليوم ولا غدًا، لمغرب يسير بسرعتين”، داعيا إلى نقلة حقيقية في التأهيل الشامل للمجالات الترابية.
ودعم الائتلاف مطلبه بمعطيات رسمية صادرة عن مؤسسات كالمندوبية السامية للتخطيط والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والتي تكشف عن فوارق صارخة، حيث تتجاوز نسبة الفقر متعدد الأبعاد 14% في بعض المناطق الجبلية، ويعاني أكثر من 35% من السكان من صعوبة الولوج للصحة، فيما تتجاوز نسبة الأمية 47%، وهو ما يغذي نزيف الهجرة القسرية.
ولمواجهة هذا الوضع الذي يهدد التماسك الوطني، قدم الائتلاف مطالب واضحة تتمثل في التسريع بإصدار قانون إطار خاص بالمناطق الجبلية يكون ملزما، واعتماد سياسات عمومية مندمجة ترتكز على تحسين الخدمات الأساسية وفك العزلة ودعم الاقتصاد المحلي.
ولتحقيق ذلك، اقترح الائتلاف آلية تنفيذية تقوم على إحداث هيئة وطنية عليا لتنمية المجالات الجبلية تحت إشراف رئاسة الحكومة، وعقد مناظرة وطنية حول العدالة المجالية قبل نهاية 2025، ووضع خطة حكومية بأهداف ومؤشرات دقيقة.
واختتم الديش تصريحه بالقول: “وجهنا المذكرة لرئيس الحكومة ليأخذ بجد التعليمات الملكية ويعمل على تنفيذها، وليستجيب لمطالب واحتجاجات الساكنة. مقترحاتنا تهدف لوضع إطار تشريعي يحمي هذه المناطق ويصون حق العيش الكريم لساكنتها، ويساهم في استقرارها وتقليص مستويات الهجرة المتزايدة”.