يتساءل الكثيرون لماذا يجب أن يكونوا الطرف الذي يبادر بالمرونة وإحداث التغيير في العلاقة. الإجابة تكمن في طبيعتنا البشرية، فالإنسان مصمم للتكيف، وهو سر وجوده في كل بيئة على وجه الأرض.
ورغم صعوبة الأمر، فمن المؤكد أن إحداث تحول في العلاقة يتطلب أن يقوم شخص واحد بالخطوة الأولى لتمكين الآخر وإعادة تشكيل الديناميكية بينهما. يمكن للمرأة أن تكون الراعية والمحفزة للتغيير، ففهم الشريك هو حجر الزاوية لبناء شراكة سعيدة ومستدامة، وجعله يشعر بارتباط عميق. إن معظم خيبات الأمل تأتي من توقع أن يفكر ويتصرف الشريك بنفس طريقتنا.
وفقاً لعلم النفس، هناك سلوكيات معينة تجعل الأزواج يشعرون بارتباط عاطفي عميق بزوجاتهم.
أولى هذه السلوكيات هي الدخول إلى عالمه. إن محاولة تثقيف النفس حول أحد اهتمامات الزوج الرئيسية، سواء كانت رياضة أو سياسة أو موسيقى، والتحدث معه بشكل متكرر في هذا الموضوع، يترك لديه انطباعاً قوياً بأن شريكته تهتم بشغفه، وهو ما قد يدفعه لمبادلتها نفس الاهتمام في اهتماماتها الخاصة.
ثانيا، يأتي دور المديح والإطراء المستمر. يحتاج الزوج أن يشعر بالرضا عن نفسه عندما يكون بصحبة زوجته، فالإنسان يقيم الآخرين بناءً على شعوره تجاه ذاته أثناء وجوده معهم. وتظهر الأبحاث أن الدماغ البشري يفرز الدوبامين عند المرور بتجارب إيجابية، مما يخلق رغبة في تكرار هذه التجارب والبقاء مع الشخص الذي يمنح هذا الشعور الجيد.
كما أن الاهتمام والانتباه لهما أثر كبير. عند سؤال الأزواج عن أكبر خيبات الأمل في علاقاتهم، أجاب البعض بأن شريكاتهم تغيرن بعد الزواج، بينما أجاب آخرون بأنهم كانوا يتوقعون المزيد من الاهتمام. إن أكبر مقاومة للالتزام تأتي من الاعتقاد بأن الشريك سيغيرهم أو سيفرض عليهم مطالب غير معقولة. ولذلك، من المفيد تحويل الشكاوى إلى طلبات لطيفة باستخدام عبارات مثل “ما سيسعدني هو…” بدلاً من عبارات الاتهام مثل “أنت لا تفعل…”.
ولا يقل أهمية عن ذلك معرفة لغة الحب الخاصة به. فالرجال مجبولون على غريزة المنافسة والتحدي والحماية، وغالباً ما لا تندرج المهام المنزلية ضمن هذه الفئات.
وهنا تبرز أهمية فهم “لغات الحب الخمس” للدكتور غاري تشابمان. على سبيل المثال، إذا كانت لغة حب الزوجة هي “خدمة الأفعال” ولغة حب زوجها هي “اللمس الجسدي”، يمكن استخدام هاتين اللغتين للتفاوض وتحقيق توازن عادل في العلاقة.
من جانب آخر، من الضروري إدراك أن الرجل قد يخشى فقدان السيطرة. يعد هذا الخوف أحد أسباب صعوبة الالتزام في العلاقة، الخوف من فقدان السيطرة على حياته الخاصة وعدم تلبية احتياجاته. وبينما يصاب البعض بالحزن والاكتئاب عند عدم تلبية احتياجاتهم، يستجيب آخرون بالغضب. لذلك، من المفيد الجلوس مع الزوج وإعداد قوائم قصيرة للاحتياجات العاطفية والجسدية والوظيفية لكل طرف، ثم مناقشتها بتفصيل لتحديد ما هو قابل للتفاوض وما هو غير قابل للمساومة.
كذلك، من المهم أن تكوني الشخص الذي لا يستطيع الاستغناء عنه. كثير من الأزواج يختارون شريكة حياتهم بناءً على من لا يستطيعون العيش بدونها، فالكثير لا يدركون مشاعرهم تجاه شخص ما إلا بعد غيابه.
إن قضاء الوقت الطويل والتحدث المستمر مع شخص ما يقلل من فرصة أن يفتقدك. لذلك، فإن إنهاء المكالمات الهاتفية أو المواعيد أولاً، وعدم التوافر الفوري للرد على الرسائل، قد يخلق شعوراً بالحاجة والاشتياق. هذا الإحساس بأنه لا غنى عنه وبأن زوجته تعتمد عليه يقوي الرابطة الزوجية ويساهم في الإشباع العاطفي للزوج.
أخيراً، لا يجب الخوف من الاعتراف بالخطأ. أن تكوني السباقة للاعتذار والاعتراف بالخطأ يظهر سمتين شخصيتين جذابتين هما الثقة والتواضع. كما أنه يبعث برسالة مفادها أنه من الآمن ارتكاب الأخطاء، وهو أمر غالباً ما يكون صعباً على كبرياء الإنسان.
إن ممارسة هذه السلوكيات تدريجياً وملاحظة أيها يحدث تأثيراً إيجابياً هو المفتاح. فالتثقيف والوعي هما نقطتا البداية الحيوية لبناء علاقة رائعة وفهم عميق لشريك الحياة.