صادق مجلس الدولة البلجيكي على المسودة الأولية لمشروع إصلاح نظام البطالة، الذي يقضي بتحديد مدة استحقاق إعانات البطالة بسنتين كحد أقصى، في تحول جذري بفلسفة الحماية الاجتماعية في البلاد.
يتبنى هذا الإصلاح منطق الحكومة القائم على ربط دعم العاطلين عن العمل بهدفين رئيسيين: رفع معدل التوظيف وتقليص الإنفاق العمومي. وقد اعتبر المجلس أن هذه الدوافع تشكل “هدفًا مشروعًا” يمكن أن يبرر مثل هذه التدابير، رغم إقراره بأنها تقلّص من مستوى الحماية المتاحة حاليًا.
في رأيه الاستشاري الذي نشرته صحيفتا “ليكو” و”دي تايد” يوم الثلاثاء، أكد مجلس الدولة أن الانتقال من حق غير محدود زمنيًا إلى حق محدود يمثل تقليصًا ملموسًا للضمانات الاجتماعية. ومع ذلك، رأى المجلس أن الحفاظ على الإعانات لمدة تتراوح بين 12 و24 شهرًا لا يزال يوفر درجة مقبولة من الحماية، خاصة مع وجود آليات دعم بديلة مثل الإدماج الاجتماعي أو المساعدات التي تقدمها مراكز الخدمات الاجتماعية (CPAS).
أبدى وزير العمل دافيد كلارينفال من الحزب الليبرالي الفرنكوفوني (MR) ارتياحه لهذا الرأي، مؤكدًا أن مجلس الدولة “يتبع المنطق الذي وضعناه”، ما يشير إلى عزم الحكومة على المضي قدمًا في تنفيذ الإصلاح رغم الاعتراضات.
لكن هذه الموافقة واجهت معارضة قوية من الاتحاد الاشتراكي (FGTB)، الذي شكك في مدى اختصاص مجلس الدولة للفصل في المسألة، مشددًا على أن المحكمة الدستورية هي الجهة الأجدر بالنظر في مدى توافق الإصلاح مع المبادئ الدستورية. كما انتقد الاتحاد ضيق الوقت الممنوح للمجلس لتكوين رأي معمق، وهو ما أقر به المجلس نفسه في الوثيقة الصادرة عنه.
وتستند النقابة في اعتراضها إلى المادة 23 من الدستور البلجيكي، التي تنص على حق كل فرد في العيش بكرامة، بما يشمل الحق في الضمان الاجتماعي. وترى أن تقليص إعانات البطالة إلى سنتين فقط، بغض النظر عن ظروف العاطل عن العمل، يخل بهذا الحق الأساسي.
الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تلوح فيها النقابات باللجوء إلى القضاء، ففي أبريل الماضي، هددت نقابات القطاع الصحي بالطعن في هذا الإصلاح أمام المحكمة الدستورية بمجرد اعتماده بصيغة قانونية نهائية.