’’الأسد الصاعد’’: إسرائيل تستهدف البرنامج النووي الإيراني وتداعيات تهز الشرق الأوسط


في تصعيد عسكري هو الأعنف منذ عقود، شنت إسرائيل فجر اليوم الجمعة عملية عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها اسم “الأسد الصاعد”، استهدفت خلالها مواقع استراتيجية وعسكرية داخل الأراضي الإيرانية، مما وضع منطقة الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة.

الهجمات لم تقتصر على البنية التحتية النووية، بل طالت أيضاً قيادات عسكرية رفيعة المستوى، مما أثار ردود فعل دولية متباينة وترك تداعيات فورية على الاقتصاد وحركة الطيران في المنطقة.

استهداف “نطنز” واغتيال “مهندس الصواريخ”

أكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، أن الضربات الليلية او الأسد الصاعد “ألحقت ضرراً كبيراً” بمنشأة “نطنز” النووية، التي تعتبر المرفق الرئيسي لتخصيب اليورانيوم في إيران. وأضاف ديفرين أن “هذه المنشأة كانت تخدم الحرس الثوري لتعزيز برنامجهم النووي العسكري”، مدعياً أنها تمتلك “البنية التحتية اللازمة لتخصيب اليورانيوم إلى درجة عسكرية”. ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكدت استهداف الموقع، إلا أنها نقلت عن السلطات الإيرانية عدم تسجيل أي زيادة في مستويات الإشعاع.

إلا أن الضربة الأشد وقعاً كانت اغتيال العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية في الحرس الثوري الإيراني، وهو ما أكده كل من الجيش الإسرائيلي ووكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا).

يُعتبر حاجي زاده، الذي عينه المرشد الأعلى علي خامنئي في منصبه عام 2009، أحد أبرز مهندسي برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة الإيرانية.

وكان الرجل قد تحمل المسؤولية الكاملة عن حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية عام 2020. ويُنظر إلى اغتياله، إلى جانب تقارير عن مقتل ستة علماء نوويين، كضربة استراتيجية تهدف إلى شل القدرات العسكرية والعلمية الإيرانية.

التداعيات الجيوسياسية: بين إعلان الحرب والضغوط الأمريكية

جاء الرد الإيراني سريعاً وحاسماً. ففي رسالة إلى الأمم المتحدة، وصف وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، الضربات الإسرائيلية بأنها “إعلان حرب” و”انتهاك صارخ لسيادة إيران”، داعياً مجلس الأمن إلى “التصدي الفوري لهذه القضية”. وهدد المرشد الأعلى علي خامنئي بأن إسرائيل “يجب أن تتوقع عقاباً قاسياً”. وكرد أولي، أطلقت إيران نحو 100 طائرة مسيرة باتجاه إسرائيل، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض معظمها.

على الساحة الدولية، بدا الموقف الأمريكي متأرجحاً. ففي حين نأت الإدارة بنفسها في البداية عن العملية، مؤكدة أنها لم تشارك فيها، خرج الرئيس دونالد ترامب عبر منصة “Truth Social” بتصريحات بدت وكأنها تبرر الهجوم وتحمل رسالة ضغط مباشرة لطهران، حيث قال: “يجب على إيران أن تعقد صفقة، قبل ألا يتبقى شيء… لا مزيد من الموت، لا مزيد من الدمار، فقط افعلوها، قبل فوات الأوان”. هذا الموقف يضع إيران بين خياري التصعيد العسكري أو العودة إلى طاولة المفاوضات التي كانت مقررة يوم الأحد في سلطنة عُمان، والتي بات مصيرها الآن مجهولاً.

من جانبها، أعربت روسيا، حليفة طهران الوثيقة، عن “قلقها وإدانتها للتصعيد الحاد في التوترات”، مؤكدة أن الرئيس بوتين يتابع الموقف عن كثب.

ويشير المحللون إلى أن هذه الضربة قد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد تدفع “صقور” النظام الإيراني، الذين نجوا من الهجوم، إلى التسريع نحو امتلاك القنبلة النووية، ليس كأداة هجوم بل كرادع استراتيجي يضمن بقاء النظام، مستلهمين نموذج كوريا الشمالية التي حصّنت نفسها بامتلاك السلاح النووي، على عكس ليبيا التي تخلت عن برنامجها لتواجه تدخلاً خارجياً أطاح بنظامها.

الآثار الاقتصادية: شلل في الأجواء وتصاعد المخاطر

كانت التداعيات الاقتصادية لعملية الأسد الصاعد فورية ومباشرة. فقد أعلنت كل من إيران وإسرائيل والأردن والعراق إغلاق مجالها الجوي بالكامل، مما أدى إلى شلل تام في حركة الطيران فوق هذه الدول.

وأظهرت بيانات تتبع الرحلات فراغاً جوياً كاملاً فوق المنطقة. وشركات طيران عالمية مثل “إير فرانس” علقت رحلاتها إلى تل أبيب “حتى إشعار آخر”، بينما أظهرت لوحات المطارات الإقليمية، كمطار قطر، إلغاءً متتالياً للرحلات ليس فقط إلى إيران، بل أيضاً إلى العراق المجاور بسبب المخاوف الأمنية المتزايدة.

وتأتي هذه الفوضى في ظل تهديدات متكررة من فصائل مسلحة موالية لإيران في العراق باستهداف المصالح والقواعد الأمريكية في المنطقة، مما يجعل العراق ساحة محتملة لتصفية الحسابات، وهو ما تحاول حكومة بغداد تجنبه بجهد.

باختصار، أقدمت إسرائيل على مغامرة عسكرية كبرى بحجة منع إيران من امتلاك السلاح النووي، لكنها في المقابل فتحت الباب على مصراعيه أمام رد إيراني قد يشعل المنطقة بأكملها، وعطلت المسار الدبلوماسي مع واشنطن، وأحدثت فوضى اقتصادية فورية. ومع تدمير إسرائيل “عشرات” الرادارات ومنصات الصواريخ الإيرانية، يبدو أن “عملية الأسد الصاعد” لم تنته بعد، وأن المنطقة تستعد لأيام أكثر صعوبة وغموضاً.

شارك المقال:

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تابعونا على وسائل التواصل الاجتماعي

إشهار

هذه المساحة مخصصة للإعلانات. دعمك يساهم في استمرار الموقع وتقديم محتوى إخباري مميز.

انضم إلى العائلة!

اشترك في النشرة الإخبارية.

لقد تم اشتراكك بنجاح! عفواً! حدث خطأ ما، يُرجى المحاولة مرة أخرى.
Edit Template

معلومات عنا

موقع المحيط الإخباري: هنا، الخبر يبدأ بالإنسان وينتهي به. نحن منصة إخبارية شاملة تضع الإنسان في قلب اهتماماتها، مستكشفةً قصصه وتحدياته وآماله. لا نتعجل في نقل الحدث، بل نقدم تفاصيله بعمق، ونطرح الأسئلة التي تقود إلى فهم أوسع. نغطي الأحداث المحلية والإقليمية والدولية بمنظور تحليلي مختلف، مع اهتمام خاص بتقديم المعرفة في مجالات المستقبل التي تشكل عالمنا القادم. كل ذلك في إطار من الدقة والمسؤولية واحترام أخلاقيات العمل الصحفي

  شروط الاستخدام © 2025 Created By M AGENCY