وفقًا لتحليل صادر عن SpecialEurasia، وهي وكالة متخصصة في الاستخبارات الجيوسياسية وتقييم المخاطر، فإن الصراع الإسرائيلي الإيراني يفرض تداعيات غير مباشرة ولكنها خطيرة على دول آسيا الوسطى، مما يضعها أمام تحديات جيوسياسية واقتصادية وأمنية معقدة.
وفقًا للتقرير الذي رصده المحيط، يكشف التحليل أن حكومات المنطقة، وعلى رأسها أوزبكستان وقيرغيزستان، تعرب عن قلقها البالغ إزاء التصعيد العسكري وتدعو باستمرار إلى ضبط النفس والعودة إلى الحلول الدبلوماسية.
يأتي هذا الموقف الحذر مدفوعًا بإدراكها أن أي صراع طويل الأمد بين طهران وتل أبيب قد يلحق أضرارًا بالغة باقتصاداتها الهشة.
وفي أعقاب الهجوم الإسرائيلي في يونيو 2025 ورد إيران الصاروخي، سارعت هذه الحكومات إلى إصدار بيانات رسمية تحث على الوقف الفوري للأعمال العدائية، كما قامت سفاراتها بتوجيه مواطنيها في مناطق النزاع لاتباع بروتوكولات السلامة القصوى.
هذا الموقف الرسمي يجد دعمًا قويًا على المستوى الشعبي، حيث يُظهر الرأي العام في آسيا الوسطى رفضًا واسعًا لأي تورط عسكري إلى جانب إيران.
فقد كشف استطلاع رأي هاتفي إقليمي أن الدعم للتدخل العسكري لم يتجاوز 13% في طاجيكستان وهبط إلى مستوى 5% فقط في كازاخستان، مما يعكس محدودية الاصطفاف الإقليمي مع طهران.
وحتى على المستوى السياسي، ورغم وجود تعاطف مع إيران في كازاخستان وطاجيكستان، فإن دولًا أخرى مثل أوزبكستان وأذربيجان أظهرت معارضة واضحة لأي دعم سياسي.
يحمل هذا الصراع في طياته سلسلة من المخاطر المترابطة التي تهدد المنطقة، فأي تصعيد غير محسوب قد يجر المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار الشامل.
اقتصاديًا، يهدد الصراع بتعطيل أسواق الطاقة، خاصة إذا تأثرت نقاط عبور حيوية مثل مضيق هرمز، مما سيؤدي إلى تقلبات حادة في أسعار النفط تؤثر مباشرة على اقتصادات آسيا الوسطى.
كما أن تفاقم الصراع قد يطلق موجات هجرة جماعية ترهق الخدمات الاجتماعية وتخلق تحديات أمنية عميقة، فضلاً عن أنه قد يوفر بيئة خصبة لازدهار الجماعات المتطرفة وشبكات الجريمة المنظمة في جنوب آسيا الوسطى.
هذا المشهد المعقد لا يغيب عن أعين القوى الكبرى، فالصين تراقب بقلق أي اضطرابات قد تهدد استثماراتها في “مبادرة الحزام والطريق” التي تمر عبر المنطقة، بينما قد تجد روسيا في الأزمة فرصة لتعزيز دور “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” وتقديم نفسها كضامن للاستقرار، وهو ما قد يجبر حكومات آسيا الوسطى على السير في مسارات دبلوماسية صعبة تقلص من استقلالها الاستراتيجي.
في الختام، يوصي التحليل بأن تعزز جمهوريات آسيا الوسطى أمن حدودها وتطور آليات تبادل المعلومات الاستخباراتية وتضع خطط طوارئ لإدارة الأزمات المحتملة.
فقدرتها على الحفاظ على حيادها واستقلاليتها تتطلب تنسيقًا دبلوماسيًا حذرًا، مع الأخذ في الاعتبار أن هياكل التعاون الإقليمي مثل “منظمة معاهدة الأمن الجماعي” و”منظمة شنغهاي للتعاون” قد تستغل الوضع لتعزيز نفوذ موسكو وبكين في المنطقة.