استقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، صباح اليوم الأربعاء بالقصر الرئاسي في نواكشوط، رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، الذي يؤدي زيارة رسمية إلى موريتانيا على رأس وفد رفيع المستوى، في إطار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
احتضنت العاصمة نواكشوط مباحثات موسعة حضرها الرئيسان إلى جانب أعضاء الوفدين، تناولت مجمل علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف المجالات ذات الاهتمام المشترك.
وقد أكد الرئيس ولد الشيخ الغزواني ورئيس الحكومة الإسبانية، خلال اللقاء، على متانة العلاقات التي تجمع موريتانيا وإسبانيا، وعلى الحرص المشترك على الدفع بها نحو آفاق أوسع وأكثر شمولاً، بما يخدم المصالح الاستراتيجية للبلدين والشعبين الصديقين. وفق ما نقلت الصحافة الموريتانية.
كما عقد القائدان جلسة مباحثات على انفراد، طبعها التبادل المعمق حول أبرز التحديات الإقليمية، وتنسيق الجهود في ملفات استراتيجية، أبرزها الهجرة والأمن والطاقة، مع التركيز على الدور المحوري الذي تلعبه موريتانيا في استقرار المنطقة.
موريتانيا كشريك محوري في الأمن الإقليمي
تأتي هذه الزيارة في وقت تؤكد فيه موريتانيا دورها الإقليمي المتنامي، خاصة في مجال الأمن والاستقرار. فقد نجحت نواكشوط في تطهير حدودها الشمالية من المرتزقة والمهربين، وذلك من خلال جهود أمنية متواصلة ومنسقة مع الشركاء الإقليميين والدوليين. هذا الإنجاز الأمني يعكس قدرة موريتانيا على لعب دور فعال في مكافحة التهديدات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء.
العلاقات البراغماتية مع دول المغرب العربي
تتميز السياسة الخارجية الموريتانية بنهج براغماتي متوازن في علاقاتها مع دول المغرب العربي، حيث تحافظ على علاقات متينة مع كل من المغرب والجزائر، رغم التوترات الإقليمية. هذا الموقف المتوازن يجعل من موريتانيا جسراً للحوار والتعاون في المنطقة، ما يعزز من قيمتها الاستراتيجية للشركاء الأوروبيين، وخاصة إسبانيا التي تولي أهمية خاصة لاستقرار المنطقة.
اللجنة العليا المشتركة تدشن مرحلة جديدة من التعاون
تأتي زيارة رئيس الحكومة الإسبانية في سياق دورة جديدة من أعمال اللجنة العليا المشتركة الموريتانية الإسبانية، والتي تشهد تطوراً لافتاً يعكس الإرادة السياسية لدى الطرفين لتطوير شراكة متقدمة ومتعددة الأبعاد. هذا التطور يأتي في إطار اعتراف إسباني متزايد بأهمية موريتانيا كبوابة لأفريقيا وكشريك موثوق في إدارة التحديات الإقليمية.
مجلس الأعمال المشترك يرسخ التعاون الاقتصادي
انعقد صباح اليوم في نواكشوط مجلس الأعمال الموريتاني الإسباني، بحضور ممثلين عن القطاعين الخاصين في البلدين. وتناول الاجتماع تقدم أشغال اللجان القطاعية المشتركة في مجالات البنية التحتية والطاقة والزراعة والصيد البحري والتبادل التجاري، وسط تأكيد من الجانبين على ضرورة مواكبة الدينامية السياسية بتعاون اقتصادي فعلي على الأرض.
وناقش المشاركون التحضيرات الجارية لتنظيم المنتدى الاقتصادي الموريتاني الإسباني المرتقب، والذي يُنتظر أن يشكّل منصة استراتيجية لتوسيع آفاق التعاون الاستثماري، وتسهيل نقل الخبرات بين المؤسسات الموريتانية والإسبانية.
الإمكانات الاقتصادية الواعدة تجذب الاستثمارات الإسبانية
يُنظر إلى مجلس الأعمال المشترك كإحدى الركائز الأساسية لدفع التعاون الاقتصادي الثنائي، من خلال الربط المباشر بين الفاعلين الاقتصاديين، وتحفيز بيئة الاستثمار، واستكشاف فرص الشراكة في قطاعات واعدة. وتحظى موريتانيا باهتمام إسباني متزايد بسبب إمكاناتها الواعدة في مجالات الطاقة المتجددة والمعادن والموارد البحرية، خاصة مع اكتشاف حقول الغاز الطبيعي التي تضعها على خريطة الطاقة الإقليمية.
إدراك إسباني متزايد لأهمية موريتانيا الاستراتيجية
حسب رأي معظم المتابعين لشؤون المنطقة، تعكس زيارة رئيس الحكومة الإسبانية إلى نواكشوط إدراكاً متزايداً من مدريد لأهمية موريتانيا كشريك محوري في الضفة الجنوبية من المتوسط. هذا الإدراك يتجسد في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين تطوراً مطرداً، سواء على مستوى التعاون الأمني أو الاقتصادي أو في مجال إدارة ملفات الهجرة.
إن موقع موريتانيا الاستراتيجي كجسر بين شمال أفريقيا وأفريقيا جنوب الصحراء، إلى جانب استقرارها السياسي ونهجها البراغماتي في السياسة الخارجية، يجعلها شريكاً مثالياً لإسبانيا في مواجهة التحديات الإقليمية. كما أن نجاح موريتانيا في تأمين حدودها وإرساء الأمن في مناطق كانت تعج بالمرتزقة والمهربين، يؤكد على قدرتها على تحمل المسؤوليات الإقليمية والمساهمة في استقرار المنطقة.
آفاق مستقبلية للشراكة الاستراتيجية
تشير المؤشرات إلى أن العلاقات الموريتانية الإسبانية تتجه نحو مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، تتجاوز الأطر التقليدية لتشمل التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتكنولوجيا. هذا التطور يعكس فهماً متبادلاً لأهمية الشراكة بين البلدين في مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية، ويؤسس لعلاقة استراتيجية طويلة المدى تخدم مصالح الشعبين الصديقين وتساهم في استقرار المنطقة.